للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للآخر؛ كالشفعة.

ثم اعلم أن ما حكيناه عن الرافعي مصرح بأن محل الخلاف قبل خروج القرعة.

وفي "الحاوي" أجراه في الحالين معاً، وهو الذي يقتضيه إطلاق الشيخ هنا، ومنه يؤخذ أنه إذا كان منفرداً بالالتقاط: أن له أن يترك حقه، ويسلمه إلى الحاكم- وإن لم يكن له عذر- ولا يلزم بحفظه، كما صرح به الماوردي وغيره، بخلاف الوديعة على أحد الوجهين.

وعن ابن كج وغيره حكاية الوجهين هنا- أيضاً- بناء على أن الشرع في فروض الكفايات هل يلزم الإتمام؟ وهل يصير الشارع معيناً له؟ لكن الذي رأى ابن كج ترجيحه: الأول.

ومن قال باللزوم، قال: إذا ترك أحد الملتقطين حقه لا يتركه الحاكم، بل يقرع بينه وبين صاحبه: فإن خرجت القرعة عليه ألزمه القيام بحضانته، كذا صرح به الإمام.

ولا خلاف في أنهما لو تساويا إلى المنبذو ولم يضع يده أحدهما عليه، وقال كل منهما: أنا آخذه وأحضنه- أن للحاكم أن يجعله في يد من يراه منهما أو من غيرهما، نعم: لو سبق أحدهم بالوقوف على رأسه من غير أخذ فهل يقدم بذلك؟ فيه وجهان عن الشيخ أبي محمد، وأظهرهما المنع.

قال: "وإن ادعى كل منهما أنه الملتقط، فإن كان في يد أحدهما فالقول قوله مع يمينه"؛ لأ اليد تشهد له، "وإن كان في يديهما أقرع بينهما؛ لأن الكفالة لا تتبعض، ولا يمكن المهايأة فيها؛ لما ذكرناه؛ فتعينت القرعة. وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ، ويجيء فيه وجه ابن خيران: أن الحاكم يقدم أحدهما بالاجتهاد، وفي "المهذب" و"المرشد": أنهما يتحالفان، فإن حلفا أو نكلا، صارا كالملتقطين يقرع بينهما على المذهب، وعلى قول أبي علي بن خيران: يقره الحاكم في يد من هو أحوط له.

والظاهر أن المراد من التحالف هنا: الحلف من كل منهما، كما هو مذكور في

<<  <  ج: ص:  >  >>