وضابطه: أن كل ما جاز بيعه من الأعيان جازت هبته, وما لا فلا, وهذا على الصحيح, وقد يأتي في بعض المسائل جواز هبة ما لا يصح بيعه على وجهٍ:
فمنها: الآبق: هبته صحيحة عند ابن سريج –كما دل عليه كلام الماوردي –حيث قال عند الكلام في كيفية القبض للابن من كتاب البيع حكايةً عن محمد بن الحسن أنه قال أثناء كلامه: ألا ترى أنه لو وهب لابنه الصغير عبدًا آبقًا, جاز, ولو باعه لم يجز؟! وأن ابن سريج قال: إنما جازت هذه الهبة, ولم يجز البيع؛ لأن الآباق عذر يجوز في الهبة, ولا يجوز في البيع.
ومنها: المرهون تصح هبته على وجهٍ, وفائدة صحتها: أنه إذا انفك الرهن يجبر الواهب على الإقباض, ولا يحتاج إلى تجديد عقد, وخالفت الهبة على هذا البيع؛ لأنها لا تفيد الملك في الحال, بل يشترط فيه التسليم, وهي ليست بموجبة للتسليم, بخلاف البيع.
وهذا الوجه يجري في هبة المغصوب الذي لا يقدر على انتزاعه.
ومنها: هبة الأرض المزروعة دون الزرع, تصح على وجه, لكنه جزم به الأكثرون, والوجه الآخر محكي في "زوائد" العمراني.
ومنها: هبة الكلب المنتفع به, تصح على وجه, وهو جارٍ في جلد الميتة قبل الدباغ, وفي الخمور المحترمة.
قال الإمام: وحق من جوًز الهبة فيها أن يجوزها في المجاهيل, وفي الآبق؛ [كالوصية].
ومنها: هبة الدين المستقرض من غير من هو عليه, لا تصح [إلا] على وجه, وإن جاز بيعه, وبه جزم الماوردي, لكن نص الشافعي –رضي الله عنه –على الجواز, واختاره في "المرشد".
وهبته ممن هو عليه جائزة قطعًا, وتبرأ بها الذمة.