قال: ولا تصح الوصية – أي: بالتصرف في المال وعلى الأولاد – إلا إلى حر مسلم بالغ عاقل عدل؛ لأنها تقتضي أمانة وولاية صرفة, وذلك لا يصح إلا ممن جمع هذه الشروط؛ ولأن العبد مشغول بخدمة سيده, والصبي والمجنون مولى عليهما؛ فكيف تصح توليتهما على غيرهما؟! [وفي تعليق القاضي الحسين في باب عدد الشهود: أن لو أوصى إلى عبد غيره على أطفاله جاز] , وفي تفويض الكافر وصيته إلى كافر رشيد في دينه وجه حكاه العراقيون عن ابن أبي هريرة أنه يجوز, قال ابن الصباغ: لأنه يجوز أن يلي بالنسب؛ فجاز أن يلي بالوصية كالمسلم العدل, وهذا منه بناء على أنه يلي بالنسب, وقد حكينا في باب الحجر عن بعضهم المنع, وخرجه الإمام والغزالي على أن الكافر ولي في النكاح؛ ولذلك جعله الرافعي الأظهر, ويجيء في الأظهر على هذا ما ستعرفه في كتاب النكاح, ويمكن أن يكون مأخذ الخلاف في أن الكافر هل تثبت له ولاية المال على ولده الكافر؟ وقد قدمت الكلام فيه في باب الحجر.
ثم اعلم أن ظاهر كلام الشيخ يقتضي الاكتفاء بهذه الصفات؛ حتى لا يعتبر شيء وراءها, وهو موافق لما [حكاه في البحر] عن الأصحاب؛ حيث قال: [ولا تصح الوصية إلا لمن جمع شرائط, وذكر ما ذكره الشيخ, ثم قال: وقال] القاضي الطبري: إنها سبع.
والسادس: ألا يكون مغفلًا.
والسابع: ألا يكون بينه وبين المولى عليه عداوة وخصومة؛ بأن يكون من أهل الشهادة على المولى عليه.
وعن القاضي الطبري أنه عبر عن السادس بأن يكون فيه كفاية التصرف.
قال: وإن وصى إليه وهو على غير هذه الصفات فصار عند الموت على هذه الصفات – جاز؛ لأنها حالة نفوذ التصرف؛ فاعتبرت الشرائط عندها, كما أن الاعتبار في صفات الشاهد عند الأداء, وهذا هو الصحيح, وبه قال ابن سريج, وأبو إسحاق, وبه جزم المراوزة, كما حكاه الإمام, وعلى هذا يجوز أن يوصي