قال ابن الحداد: ولا يكون نصيب الوارث عليه، ولا نصيبه على الوارث.
أما الأول: فلأنه أعتق نصيبه قبل قبوله.
وأما الثاني: فلأنا نتبين بالقبول حصول ملكه بالموت، وتقدمه على إعتاق الوارث الزيادة.
قال الشيخ أبو علي: والصواب عند الأصحاب أن يقال: إن قلنا بحصول الملك [بالموت] ابتداء، وتبينا، فنقوم نصيب الوارث؛ لأنا تبينا استناد عتقه إلى وقت الموت، وعتق الوارث متأخر عنه، وإن قلنا بحصوله بالقبول فيعتق الكل على الوارث؛ لأنه يسري من نصيبه إلى قدر الثلث، والقبول بعده كإعتاق الشريك الثاني بعد الأول وهو موسر، هذا إذا حكمنا بحصول السراية بنفس الإعتاق، فإن قلنا: لا يحصل إلا بعد أداء القيمة فقبوله كإعتاق الشريك الثاني نصيبه قبل أخذ القيمة، وفيه وجهان:
أحدهما: النفوذ؛ لأنه ملكه ما لم يأخذ القيمة.
وأصحهما: المنع؛ لأن الأول [استحق تقويمه عليه بالإعتاق] وفي ذلك تفويت حق وجب له.
قلت: وقد يتجه أن يقال في المسألة، إذا قلنا بأن الملك لا يحصل إلا بالقبول، وقد نفذنا عتق الوارث: تبطل الوصية؛ لأن العتق إتلاف شرعي؛ فكان كالحس، وقد ذكرنا في الإتلاف الحسي أنه إذا وجد قبل القبول [وقلنا]: لا يحصل الملك إلا بالقبول: أن الوصية تبطل.
إذا أوصى لرجل بدينار كل شهرين من غلة داره، أو من كسب عبده، وجعله بعده لوارثه أو للفقراء، والغلة والكسب عشرة مثلاً، فاعتبار هذه الوصية من الثلث كاعتبار الوصية بالمنافع مدة معلومة؛ لبقاء بعض المنافع لمالك الرقبة، قال ابن الحداد: وليس للورثة بيع بعض الدار [إلا قدر] ما يحصل منه دينار؛ لأن الأجرة قد تتفاوت فتعود كل الأجرة إلى دينار أو أنقص منه؛ فيكون الجميع [للموصى له].
ولو أوصى بعشر الغلة في كل سنة، صح منهم بيع ما عدا عشر الدار.