ولو أوصى لإنسان بدينار كل سنة من ماله، قال الإمام: صحت الوصية في السنة الأولى بدينار، وفيما بعدها قولان:
أحدهما: الصحة، وبمثله جزم في الإشراف فيما إذا قال: أعطوه كل يوم من الطعام مُدُّا بعد موتي.
وأظهرهما: البطلان؛ لأنه لا يعرف قدر الموصي به حتى يخرج من الثلث، وعلى الأول إذا لم يكن ثم وصية أخرى، فللورثة التصرف في الثلثين، وفي الثلث وجهان:
أحدهما: ينفذ تصرفهم فيه بعد إخراج الدينار؛ لأنا لا ندري استحقاق الموصى له شيئاً سواه.
والثاني: أنه يوقف، [وهما كذلك في الوصية بالطعام، كما حكاه في الإشراف، وحكى وجهين آخرين:
أحدهما: أنه يوقف له لتتمة سبعين سنة.
وقيل: يعطى سنة.
ومثلهما يظهر مجيئه في مسألة الدينار، والذي اقتضاه إيراده: ترجيح قول الوقف مطلقاً]؛ فعلى هذا: إن بقي الموصى له حتى نفدت التركة فذاك، وإن مات قبل نفاذها، قال الأصحاب: عاد الفاضل في مسألة الدينار لورثة الموصي، وقال الإمام: فيه نظر؛ لأن هذه الوصية إذا صححناها كالوصية بالثمار بلا نهاية؛ فوجب أن ينتقل الحق إلى الورثة، وإن نفذنا تصرف الوارث فيما عدا الدينار، فكلما مضت سنة طلب الموصى له الورثة بدينار، وكان ذلك لوصية تظهر بعد القسمة.
وإن كان هناك وصايا أخر، قال صاحب التهذيب: يُفَضُّ الثلث بعد الدينار على أرباب الوصايا ولا يوقف، فإذا انقضت سنة أخرى، استرد منهم بدينار ما يقتضيه التقسيط.
قال الإمام: وهذا [بين] إذا كانت الوصية مقيدة بحال حياة الموصى له، أما إذا لم تقيد وأقمنا ورثته بعد موته مقامه، فهذا مشكل [لا يهتدي إليه]، والله- عز وجل- أعلم.