للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: الكتابة قربة؛ لقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: ٣٣].

قال الشافعي- رضي الله عنه-: "المراد بالخير: الاكتساب والأمانة؛ [فإنه] ورد "ألخير" في الكتاب العزيز بمعنى "المال" في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]، وفي قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] وغيرهما. وورد بمعنى "العمل الصالح" في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه ٧} [الزلزلة: ٧]؛ فحمل عليهما ها هنا لجواز إرادتهما بالقصد، وتوقف المقصود عليهما؛ فإنه إذا لم يكن كسوباً لا يقدر على الأداء، وإذا لم يكن أميناً لا يوثق بوفائه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعَانَ غَازِياً أَوْ غَارِماً أَوْ مُكَاتَباً في كِتَابَتِهِ، أَظَلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ"، وغير ذلك من الأخبار.

ولا تجب الكتابة، وإن كان ظاهر الأمر الوجوب؛ لأنه عتق بعوض فلا يجب على السيد؛ كالاستسعاء، والآية محمولة على بيان الرخصة؛ فإن بيع الرجل ماله بماله محظورٌ، [أو على] الندب؛ بدليل ما ذكرناه.

وقد حكى الإمام عن رواية صاحب "التقريب" قولاً عن الشافعي بوجوبها، واستغربه، وقال: لم أره لغيره، ولست أعده من المذهب.

قال: تعتبر في الصحة من رأس المال، ومن الثلث في المرض؛ لأن ما يكسبه العبد لسيده فكأنه أخرج ماله متبرعاً، فأعطى حكم التبرعات، ثم المعتبر من الثلث قيمة الرقبة، كما ذكرناه في الوصية.

قال: ولا يجوز إلّا من جائز التصرف في ماله كالهبة.

قال: ولا يجوز أن يكاتب إلا عبداً بالغاً عاقلاً:

أمَّا اعتبار العقل فبالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>