قال:[وقيل]: وفيه قول آخر: أنه إن كانت بكراً صغيرة، أو مجنونة- أي: في حال العفو- فعفا الأب أو الجد عن حقها، صح العفو؛ أخذاً من قوله- تعالى-: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة: ٢٣٧].
ومعنى الآية:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}، [أي: لكم]{إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ}، أي: الزوجات، فيسلم لكم الكل، {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، قال ابن عباس: أراد به الولي، والمعنى: إلا أن تعفو المرأة إن كانت من أهل العفو، أو وليها إذا لم تكن من أهل العفو.
ورجح الشافعي هذا في القديم من أوجه:
أحدها: أن قول ابن عباس مقدم في التفسير؛ لأنه ترجمان القرآن.
والثاني: أنه ذكر الأزواج في الآية بصيغة المخاطبة، فقال: فنصف ما فرضتم، وذكر هذا بصيغة الغيبة، [فأشعر بأنه] أراد غير الأزواج.
والثالث: أنه تعالى قال: {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ}، وكان ذلك راجعاً إلى عفو يخلص به كل الصداق [للزوج]، ثم قال:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، فعطف عليه؛ فوجب أن يحمل على عفو يخلص به كل الصداق للزوج؛ فيكون] العفو واحداً.
والرابع: أنه وصفه بأن بيده عقدة النكاح، وأجرى ذلك بعد الطلاق، والولي هو الذي بيده عقدة النكاح الآن، فأما الزوج، فليس إليه شيء.
ولأنهما لا يتهمان في حق الصغيرة، ويملكان التصرف في مالها بما تقتضيه المصلحة؛ ولهذا يملكان أن يصوغا الذهب والفضة حلياً وإن نقصت بذلك قيمته، وتلف جزء منه؛ لمصلحة المولى عليها ومنفعتها، والعفو منفعة لها؛ ليكثر