والقول المنصوص عليه في الجديد: أنه لا يصح عفوه، وأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، ويروي ذلك عن علي وغيره- رضي الله عنهم- لأنه- تعالى- ذكر خلوص الصداق له بعفوها، ثم عطف هذا عليه؛ فظهر أن المراد عفو يخلص به الصداق لها؛ لتشتمل الآية على ذكر الخلوص من الجانبين، وقد قال تعالى:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧]، والأقرب للتقوى عفو الزوج، فأما عفو الأب عن حق ضعيفة؛ فلا يتصف بهذه الصفة.
وقوله:{وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}[البقرة: ٢٣٧] خطاب لهما؛ كما كان أول الكلام خطاباً للأزواج على أنه لا يمتنع أن يكون الخطاب للحاضرين وبعده للغيبة، والمراد به المخاطب؛ كقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}[يونس: ٢٢].
وإنما اشترطنا على القديم أن تكون بكراً؛ لأنها لو كانت ثيباً بوطء شبهة بعد النكاح، لم تستقل بالتزويج بعد، فليست بيده عقدة النكاح. وفيه وجه.
و [اشترطنا] أن تكون صغيرة أو مجنونة؛ ليكون له ولاية على مالها، وفي معنى الصغيرة السفيهة؛ صرح بذلك الإمام وغيره، وفي البالغة وجه: أنه يجوز بناءً على أن مأخذ الجواز في الصغيرة: أنه الذي اكتسبه، فإذا أسقطه؛ فكأنه لم يكتسبه، [لا أن] المأخذ كون مالها تحت يده وتصرفه.
وقال في التتمة والتهذيب: الجنون مانع من العفو، وحكاه في النهاية عن المراوزة بعد أن قال: حكم المجنونة حكم الصغيرة العاقلة؛ لأنه يرجى في العفو عن صداق العاقلة ترغيب الخاطبين فيها، والمجنونة لا يكاد يرغب فيها؛ فلا معنى لإسقاط حقها الثابت؛ لأمر لا يكاد يحصل.
قال في التتمة: وكذا العاقلة المحجور عليها بالسفه.
ولو تقدم عفو الولي على الفراق، لم يصح؛ لأن الزوج مالك لبضعها