وفي الذخائر [أنه جاء في بعض الألفاظ] أنه صلى الله عليه وسلم قال لثابت: "خُذْ بَعْضَ مَالِهَا وَفَارِقْهَا"، فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال:"نَعَمْ"، قال: فإني أصدقتها حديقتين، وهما بيدها، فقال صلى الله عليه وسلم:"خُذْهُمَا، وَفَارِقْهَا؛ فَفَعَلَ"، أخرجه أبو داود.
ويقال: إن هذا أول خُلْعٍ جرى في الإسلام.
والإجماع منعقد على أصل الخلع.
قال: ويصح الخلع من كل [زوج] بالغ عاقل- أي: مختار سواء كان الزوج مطلق التصرف، أو محجوراً عليه بالإذن وبدونه؛ لأنه يستقل بالطلاق مجاناً، فمع العوض أولى.
ويقوم مقام الزوج وكيله في الخلع؛ كما يقوم مقامه إذا وكله في الطلاق.
فرع: لو وكل [الزوج] وكيلاً في أن يطلق زوجته، فهل له أن يخالعها؟
إن قلنا: إن الخلع فسخ، لم يصح.
وإن قلنا: إنه طلاق، أو كان بلفظ الطلاق، قال البوشنجي: إن كان بعد الدخول فيقطع بعدم النفوذ؛ لتفويته الرجعة على موكله، وإن كان قبل الدخول، أو كان المملوك له الطلقة الثالثة- ففيه خلاف.
قال الرافعي: وقد يتوقف في بعض ذلك حكماً وتوجيهاً؛ حكاه قبيل الفصل الثاني في نسبة الخلع إلى المعاملات.
وحكى قبيل الركن الخامس من الخلع عن فتاوى القفال: أنه لو وكل رجلاً بأن يطلق زوجته ثلاثاً، فطلقها واحدة بألف- تقع رجعية، ولا يثبت المال، وقضية هذا أن يقال: لو طلقها ثلاثاً بألف لا يثبت المال أيضاً، ولا يبعد أن يصار [إلى] ثبوته.
قال: ويكره الخلع؛ لما فيه من قطع النكاح الذي هو مطلوب الشرع.
وفي الذخائر: أنه غير مكروه، وإن ابتدآه من غير سبب، وأن من أصحابنا من قال: إن قلنا: إن الخلع طلاق، لم يبح إلا بسبب: من دفع ضرر، أو نحوه؛ وإن قلنا: إنه فسخ [أبيح] من غير سبب؛ كسائر الفسوخ، والمذهب الأول.