للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: إلا في حالين:

أحدهما: أن يخافا- أو أحدهما- ألا يقيما حدد الله- أي: ما افترضه الله- في النكاح؛ لقوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَاخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩].

فإن قيل: ظاهر الآية يدل على الجواز عند وجود الخوف، وعلى العدم عند العدم، وقد قلتم بالجواز عند عدم الخوف لكن مع الكراهة.

فالجواب: أن ذكر الخوف في الآية خرج مخرج الغالب؛ فإن الأعم [الغالب]: أن المخالعة إنما تقع في [حالة] التشاجر، ولأنه إذا جاز في هذه الحالة وهي مضطرة إلى بذل المال، فلأن يجوز في حالة الرضا كان أولى، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النساء: ٤].

ولأنه حل عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر؛ فجاز من غير ضرر؛ كالإقالة في البيع.

قال: والثاني: أن يحلف بالطلاق الثالث على فعل شيء لابد منه- أي: كالأكل، والشرب، وقضاء الحاجة، [ونحوها]- فيخالعها، ثم يفعل المحلوف عليه- أي: إذا أمكن فعله- ثم يزوجها؛ فلا يحنث؛ لكونه وسيلة إلى التخلص من وقوع الطلاق الثالث، وإنما لم يحنث إذا فعل في حال البينونة؛ لانحلال اليمين بالدخول؛ إذ لا تتناول إلا الدخلة الأولى، وقد حصلت.

وقال الإصطخري- على ما حكاه الحناطي-: إنه يخرج على قولي عود الحنث.

واعلم أن الجيلي- رضي الله عنه- ذكر في هذا الموضع كلامين يحتاج على تأملهما:

أحدهما: أنه قسم الخلع إلى محظور، ومباح، ومكروه:

وصور المحظور بما إذا كان يضربها، ويسقط حقها، ويؤذيها بأنواع الأذية؛ لتخالعه فإذا فعل ذلك، لم يصح بذلها، وإسقاطها.

فإن أراد بذلك أن المحظور لا يكون إلا بمجموع الضرب وغيره، فليس

<<  <  ج: ص:  >  >>