فإن قلنا: يجوز في البيع [فهنا، أولى، وإن قلنا: لا يجوز] فها هنا وجهان:
وجه الجواز: أن الخلع يكفي فيه اللفظ الواحد من أحد الجانبين؛ ألا ترى أنه لو قال: إن أعطيتني ألفاً، فأنت طالق، فأعطته، وقع الطلاق، وثبت الخلع، ومقصوده؛ وعلى هذا ففي الاكتفاء بأحد شقي العقد خلاف؛ كما في بيع الأب مال نفسه من ولده.
قال: وإذا خالع في مرضه- أي: المتصل بالموت- اعتبر ذلك من رأس المال حابي أو لم يحاب؛ لأنه يملك أن يطلق مجاناً، فإذا طلق بعوض، فقد زاد الورثة خيراً.
ولأن المحسوب من الثلث هو ما ينقل إلى الورثة بعد الموت إذا تصرف فيه؛ لفواته عليهم، وليس البضع كذلك.
قال: وإذا خالعت في مرضها- أي: المتصل بالموت- بمهر المثل، اعتبر ذلك من رأس المال؛ كما لو اشترت شيئاً بثمن المثل.
فإن قيل: قد قلتم في خلع المكاتبة: إنه تبرع، وقضيته: أن يعتبر من الثلث وإن كان بمهر المثل أو أقل.
فالجواب: أن باب التصرف على المريض أوسع، وملكه أتم؛ ألا ترى أن له أن يصرف ماله في ملاذه وشهوته، وأنه يجوز له نكاح الأبكار وإن لم يقدر على الاستمتاع بهن، والمكاتب لا يتصرف إلا بقدر الحاجة؛ فينزل الخلع في حق المكاتبة منزلة التبرعات؛ لأنه من قبيل قضاء الأوطار الذي منع منه المكاتب دون المريض.
قال: وإن زادت على مهر المثل، اعتبرت الزيادة من الثلث؛ إذ لا يقابلها بدل؛ فأشبهت الهبة، فإذا اختلعت بعبد قيمته مائة، ومهر مثلها خمسون، فقد حابته بنصفه، فإن خرج من الثلث ملك العبد بجملته: نصفه عوضاً، ونصفه بالمحاباة.
وحكى الشيخ أبو حامد وجهاً آخر: أن له الخيار بين أن يفسخ العقد فيه، ويرجع إلى مهر المثل، وبين أن يأخذ العبد؛ لأنه دخل في العقد على أن يكون العبد كله عوضاً، ولم يكن.