ولما روى الشافعي- رضي الله عنه- أن مكاتباً لأم سلمة طلق امرأة حرة طلقتين، وأراد أن يراجعها، فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان، فيسأله، فذهب إليه فوجده آخذاً بيد زيد بن ثابت، فسألهما عن ذلك، فابتدراه، وقالا:[حرمت عليك، حرمت عليك].
قال: وله أن يطلق بنفسه؛ لقوله تعالى:{يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ}، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر:"مُرْهُ فَلْيُرَاجِعُهَا، ثُمَّ ليُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهَا".
قال: وله أن يوكل؛ لأنه رفع عقد؛ فجاز التوكيل فيه، كالرد بالعيب.
ويشترط في طلاق الوكيل أن ينوي أنه يوقع الطلاق عن موكله على أحد الوجهين، وهما منقولان في الرافعي متصلاً بالكلام في النية في الكناية؛ وكذا حكى فيما لو قال الوكيل: طلقت من يقع عليها الطلاق بلفظي، فهل تطلق المرأة التي وكل بطلاقها؟ فيه وجهان.
قال: وإن وكل امرأة في طلاق زوجته، فقد قيل: يصح؛ لأنه لو قال لزوجته: طلقي نفسك، فقالت: طلقت- يجوز، ويقع الطلاق، وذلك- على ما سيأتي- إما تمليكٌ، أو توكيل.
إن كان توكيلاً فذاك.
وإن كان تمليكاً، فمن جاز تمليكه الشيء جاز توكيله فيه؛ وهذا هو الأصح في الرافعي على ما حكاه في كتاب الخلع، وفي النووي أيضاً.
قال: وقيل: لا يصح؛ لأنها لا تملك الطلاق شرعاً؛ فلا تكون وكيلة فيه؛ كالنكاح.