للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحال وثلاث قبلها متضادان، وليس هذا كالتعليق باجتماع السواد والبياض؛ فإن التضاد هناك بين السواد والبياض، لا بين الشرط والجزاء.

قال: وإن قال: أنت طالق إلا أن يشاء الله، فالمذهب أنه يقع، وكذلك حكاه في التهذيب، وهو اختيار ابن سريج، وادعى القاضي الحسين في التعليق: أنه القياس وإن كان قد حكى عند الكلام في تعليق الطلاق بمشيئتها: أنه لا يقع، وأنه لا فرق بين قوله: إن شاء الله، وبين قوله: إلا أن يشاء الله.

وحكي عن بعض أهل العلم أنه يقع، ووجهه: أنه أوقع الطلاق، وجعل المخرج عنه المشيئة، وأنها غير معلومة؛ فلا يحصل الخلاص، وصار كما لو قال: أنت طالق إلا أن يشاء زيد، فمات زيد، ولم تعلم مشيئته؛ فإنه يقع الطلاق.

وقيل: لا يقع؛ لأن هذه الصيغة- أيضاً- تعليق بعدم المشيئة؛ لأنها توجب حصر الوقوع في حال عدم المشيئة؛ فكان كالمسألة قبلها؛ وهذا ما حكاه القفال عن النص، واختاره، ورجحه الإمام والغزالي.

وفرق [بينه] وبين المسألة المستشهد بها- إن سلم الحكم فيها- بأنه إذا أوقع الطلاق عليها، وعلق منع الوقوع بمشيئة زيد، فيتصور وقوع الطلاق عليها من [غير] مشيئة زيد إذا لم يعلم بالتعليق، أو علم وسكت، ولو علم وشاء ألا يقع، لا يقع.

فأما إذا علق منع الوقوع بمشيئة الله تعالى؛ فلا يتصور وقوع الطلاق عليها [دون مشيئة من جهة الله تعالى؛ لأنه] ما من شيء في الكون يتصور وجوده إلا بمشيئة الله تعالى.

قال: وإن قال: أنت طالق إن شاء زيد، فمات زيد، أو جن-[أي]: قبل المشيئة، وكذا لو غاب- لم تطلق؛ لعدم وجود الشرط.

قال: وإن خرس فأشار، لم تطلق؛ لأن مشيئته كانت بالنطق عند التعليق، فتعلق بها، ولم توجد؛ وهذا ما حكاه القاضي الحسين في التعليق، وينسب إلى اختيار الشيخ أبي حامد.

<<  <  ج: ص:  >  >>