نعم، فيه فائدة، وهي أنها إذا عادت إليه بعد أن طلقها ثلاثاً، ملك عليها الثالث بيقين.
وحمله بعضهم على ما إذا اتفقت رجعة بعد حالة الشك، ثم أراد أن يفعل الورع، فإن الورع في حقه- والحالة هذه- أن يطلقها الثالثة؛ لتحل للغير بيقين؛ لأنه لو تركها، احتمل أن يكون الواقع ما دون الثلاث، فتكون الرجعة صحيحة فلا تحل، واحتمل أن الواقع الثلاث فتحل، فإذا طلقها الثالثة حلت للغير بيقين.
فرع:[لو] شك هل طلق أم لا، ثم راجعها تورعا، ثم طلقها طلقتين- فالورع أن يطلقها ثالثة؛ لما ذكرناه عن التعليل.
قال: وإن طلق إحدى المرأتين بعينها، ثم أشكلت عليه، أي: بأن طلقها في ظلمة، أو: وهي مُوَلِّيَةٌ ظهرها [إليه] أو من وراء حجاب، أو شافهها بالطلاق، أو نواها عند قوله: إحداكما طالق، ثم نسيها- وقف عن وطئها حتى يتذكر، أي: على سبيل الوجوب؛ لأن إحداهما حرمت عليه بالطلاق، والأخرى بعلة الاشتباه، كما لو اشتبهت المحرمة عليه بالرضاع مثلاً بغيرها؛ فإنه يمنع من [نكاحهما جميعاً]، هكذا أشار إليه في "الشامل" وغيره.
ولو فرق بينهما بأن: ثم الأصل التحريم، وقد شككنا في جواز الإقدام؛ فرجعنا إلى الأصل، وها هنا الأصل في كل واحدة منهما الإباحة، وقد شككنافي المحرم، فيستصحب الأصل- لكان له وجه، ولكن هذا المعنى موجود في مسألة الأواني، ومع هذا فلا يجوز الإقدام على واحد منهما من غير اجتهاد على المذهب، مع أن الاختلاط في الأبضاع محال، ولأنه قد يؤدي إلى إباحة وطء كل واحدة منهما مع تحقق تحريم وطء إحداهما.
فإن قيل: قد حكى الشيخ في باب الرضاع: إذا وطئ رجلان امرأة، فأتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهما، فارتضع طفل بلبنه، ثم مات الولد قبل أن يتبين نسبه من أحدهما، وأراد المرضع أن يتزوج ببنت أحد الرجلين- أنه ليس له ذلك على وجه، وهو وزان ما ذكره هنا، [وعلى وجه: يجوز أن يتزوج بنت أحدهما،