وقرب بعضهم هذا الخلاف من الخلاف في أن السيد إذا أذن لعبده في النكاح، فنكح نكاحاً فاسداً ووطئ فيه- في متعلق المهر.
قال القاضي الحسين: والفرق بينه وبين التحصين: أن التحصين من صفات الكمال والخصال الحميدة؛ فاستدعى وطئاً كاملاً على حكم فراش كامل، وأما التحليل فالإصابة شرعت فيه؛ عقوبة للزوج، وإرغاماً له على صنعه المكروه، وهذا المعنى يحصل في الفاسد حصوله في الصحيح؛ فتعلق به التحليل.
فرع: إذا نكح امرأة نكاحاً فاسداً، وطلقها ثلاثاً- قال في "التتمة": المذهب: أنه لا يقع، ويباح له تجديد النكاح عليها. قال: وقد حكينا طريقة أن الطلاق يقع، فعلى هذا: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
قال: وإن كانت أمة، فملكها الزوج قبل أن تنكح زوجاً غيره- لم يحل له وطؤها بملك اليمين؛ لظاهر الآية، وهذا هو المذهب.
وقيل: يحل؛ لأن الطلقات الثلاث لا تمنع الملك فلا تمنع الوطء بالملك، بخلاف النكاح، والأول أصح؛ لما ذكرناه، ولأن كل امرأة حرم عليه نكاحها لم يجز له وطؤها بملك اليمين كالملاعنة، ويفارق النكاح الملك؛ لأن ملك أخته من الرضاع والنسب والملاعنة يصح، ولا يجوز وطؤها.
فإن قيل: أي فرق بين هذه المسألة وبين مسألة الملاعنة؛ حيث ذكرتم ها هنا خلافاً في حل الوطء بملك اليمين، ولم تجوزوه في الملاعنة؟!
قلنا: قد حكى القاضي الحسين في كتاب الظهار الخلاف فيها- أيضاً- وعلى تقدير [تسليم] ما ذكرتموه، وهو الموجود في طريقة العراق، فالفرق- كما حكاه ابن الصباغ في كتاب اللعان- من وجهين:
أحدهما: أن تحريم المطلقة ليس بمتأبد لأنه يزول بالزوج والإصابة، وتحريم الملاعنة متأبد.