[السبب دون التلف]؛ لأن إقامة البينة عليه ممكنة، بخلاف التلف؛ فإن إقامة البينة عليه متعذرة، فهلا قلتم ها هنا كذلك؟
قلنا: قد أبدى هذا مجلي احتمالاً فيما إذا أمكن إقامة البينة على النكاح بأن تدعي التزوج في البلد دون ما إذا لم يمكن إقامة البينة بأن تكون غريبة أو عُدِمَ شهود العقد، ونحو ذلك، وهو ما حكاه الزبيلي في "أدب القضاء" فيما إذا حضرت امرأة، وادعت أن زوجها طلقها، أو مات عنها، وطلبت من الحاكم التزويج؛ حيث قال: إن كانت غريبة والزوج غائب، فالقول قولها بلا بينة ولا يمين، وإن كان الزوج في البلد، وليست غريبة فلا يعقد الحاكم عليها ما لم تثبت [ما ادعته]، ويمكن أن يفرق بينهما على المذهب المشهور- من أنها لا تكلف [إقامة البينة]، وإن أمكنها ذلك، كما حكاه مجلي عن بعض الأصحاب- بأن إثبات النكاح من غير حجة وخصومة تقام متعذر، والخصومة في الوديعة، قائمة؛ فأمكن معها إقامة البينة، والله أعلم.
ثم إذا قبلنا قولها فهو بغير يمين، قاله مجلي، ووجهه الإمام بأن الحلف لا يثبت يقيناً، وقد أوضحنا أن النكاح ينعقد مع الريب.
ووجهه مجلي: بأنها لا تدعى حقّاً، ولا يُدَّعَى عليها حق، وإنما هي مثبتة، والعاقد يُقْبَل قوله في انتفاء الموانع.
فإن قيل:[قد] ذكرتم عن نص الشافعي فيما إذا كان الولي غائباً، فطلبت من الحاكم أن يزوجها-: "فإنه لا يزوجها ما لم يشهد عدلان بأنه ليس لها ولي حاضر، وأنها ليست في زوجيَّة ولا عدة"، وأن الأصحاب اختلفوا في أن ذلك إيجاب أو استحباب، ووجه الوجوب: الاحتياطُ للأبضاع. وذكرتم أن للقاضي أن يحلِّفها بأن وليها لم يزوجها في الغيبة إن رأى ذلك، وأن مثل هذه اليمين التي لا تتعلق