بدعوى إيجابٌ أو استحباب؟ فيه خلاف، فهلَّا جرى مثل ذلك ها هنا؛ لما فيه من الاحتياط في البُضْع؟
قلنا: قد حكى الإمام في فصل غيبة الولي أن للزوج أن يعوِّل على قولها، وأنه لم يصر أحد من أصحابنا إلى إيجاب الاحتياط، وإنما ذلك التردد في [] يتعلق بالولي؛ فإن عماد أمره النظر. قال: ويمكن أن يفرق بينهما بوجه آخر، وهو: أن ثَمَّ الحق في التزويج للولي، وهو يدعي غيبته؛ لينوب الحاكم عنه فيه كما في وفاء الدين، وكُلِّفَتْ إقامة البينة على ذلك اليمين لأجل الغيبة، ولا كذلك ها هنا، لكن هذا لا يدفع الخلاف العام في اليمين.
واعلم أن الصحاب ذكروا للمسألة ثلاث صور:
إحداها: أن يقع في قلبه صدقها؛ فإن له التعويل على قولها من غير كراهة، ونقل مجلي أن من أصحابنا من قال: الورع ألا يتزوجها إلا عن ثَبَتٍ.
الثانية: أن يقع في قلبه كذبها؛ فله أن ينكحها لكن مع كراهة، وهو ما قطع به العراقيون وصاحب "التقريب" وغيرهما، وقال الفوراني: ليس له نكاحها. قال الإمام: وهو غلط.
الثالثة: أن يشك في صدقها ولم يترجح عنده ظنٌّ؛ فالورع: الاجتناب أيضاً، وكلام الشيخ على هذه الصورة أقرب؛ لأنه لا يلزم من عدم وقوع الصدق في القلب وقوعُ الكذب.
والمنقول فيما وقفت عليه من كتب العراقيين: الصورة الأولى والثانية.
فروع:
لو قال الزوج: أنا أعلم أن الزوج الثاني لم يدخل بها، ثم قال بعد ذلك: علمت أنه أصابها- قال الشافعي- رضي الله عنه- قُبل ذلك منه، وكان له أن يتزوجها.
ولو قال الزوج الثاني: لم أدخل بها، وادعت الزوجة الدخول- حَلَّ للأول نكاحها.
وكذلك لو جاء الولي والشهود الذين ادعت انعقاد النكاح بحضورهم، وأنكروا ذلك- لم يقبل منهم.