للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لأن الله مسحه، أي: خلقه خلقاً حسناً.

وإنما قلنا: إنه يكون مولياً في المثالين الأوَّلَيْن؛ لأن الغالب على الظن عدم حصول ذلك في أربعة أشهر؛ فالضرار حاصل بسبب قطع الرجاء في الظاهر.

وألحق بهما الشيخ في "المهذب" والمحاملي في "المجموع" وغيرهما ما إذا قال: حتى يقدم زيد من خراسان، وكان من عادته: أنه لا يجيء إلا مع الحاج، وقد بقي من ذلك أكثر من أربعة أشهر.

والضابط الذي ذكره الرافعي لهذا القسم: هو أن يقيد الامتناع عن الوطء بأمر مستبعد في الاعتقادات حصوله في أربعة أشهر، وإن كان محتملاً، وأما في المثالين الأخيرين؛ فلحصول الإياس مدة العمر، وهو كما لو قال: لا وطئتك أبداً؛ فإنَّ أَبَدَ كُلِّ إنسان عمره، هذا هو المشهور.

وفي "شرح مختصر الجويني" للموفق بن طاهر: أن في التعليق بنزول عيسى- عليه السلام- وما في معناه لا يُقطع بكونه مولياً في الحال، ولكن يرتقب، فإذا مضى أربعة أشهر ولم يوجد المعلق به تبيَّنا أنه كان مولياً، ومكنا الزوجة من المطالبة.

واعلم أن الشيخ- رضي الله عنه- استغنى بما ذكره عن ذكر قسم آخر ذكره الأصحاب، وهو ما إذا قيد الامتناع عن الوطء بأمر يتحقق عدم وقوعه: إما مطلقاً كالمستحيلات العادية من صعود السماء ونحوه، والعقلية كالجمع بين الضدين وما في معناه، وإما في مدة أربعة أشهر ما إذا قال: حتى تقوم القيامة، أو: حتى يقدم زيدٌ، أو آتي مكة- والمسافة بعيدة لا تقطع في أربعة أشهر- فإنه يكون مولياً؛ لأنه إذا ثبت هذا الحكم عند التقييد بما يمكن وجوده، لكن مع بُعدٍ- فثبُوته عند تحقق العدم بطريق الأَوْلى. نعم، لو قال في مسألة القدوم: ظننت أن زيداً على مسافة قريبة، فهل يصدق؟ أبدى الإمام فيه احتمالين، قال الرافعي: والأقرب: القبول.

قال: وإن قال: والله لا وطئتك حتى أمرض، أو يموت فلان- لم يكن مولياً؛ لأن ذلك يحتمل أن يوجد بعدها، والاحتمالان على السواء، ولم يتحقق منه قصد الضِّرار؛ فلا يجعل مولياً بالشك، وهذه طريقة الشيخ أبي حامد.

وحكى الخراسانيون قولاً على ما حكاه الإمام، ووجهاً على ما حكاه في

<<  <  ج: ص:  >  >>