للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن قلنا: لا يلزمه قضاء يوم الوطء، فلا ينعقد الإيلاء في الحال؛ لاحتمال أن يطأها في آخر يوم من الشهر فلا يلزمه به شيء.

ثم إذا مضت أربعة أشهر ولم يطأها فهل يحكم بكونه مولياً بطريق التبيُّن؟ يتجه أن يتخرج على الخلاف المذكور فيما إذا علّق [الوطء] على قدوم زيد، ومضت أربعة أشهر ولم يقدم، والله أعلم.

قال: وإن قال: والله لا أصبتك إن شئتِ، أي: ألا أصيبك، كما قدرناه فيما إذا قال: أنت طالق إن شئتِ، فقالت في الحال: شئتُ، أي: ألا تصيبني- صار مولياً، أي: من وقت المشيئة؛ لوجود الشرط.

فإن قيل: المطلقة في المرض ترث على القول القديم، ثم لو علق طلاقها بمشيئتها، فشاءت- لم ترث على الأصح؛ لزوال التهمة؛ فهلا قلتم ها هنا: لا يكون مولياً؛ لأنه غير متهم؛ فإنها هي التي اختارت الإيلاء ورضيت بالتزامه، ولأنه لم يتحقق من جهته قصد الإضرار الذي هو ضابط الإيلاء؟

قلنا: الفرق بينهما: أن ثبوت الإرث كان للتهمة، وقد زالت بتعليق الطلاق على مشيئتها، مع أنه لا يقدر على رفعه بعد وقوعه، وها هنا وإن زالت التهمة في قصد الإضرار بتعلُّق الإيلاء على مشيئتها فقد انعقدت اليمين؛ فهو متهم في البقاء عليها؛ إذ يمكنه ألا يقيم عليها، فإذا أقام اتهم.

قال مجلي: وهذا الجواب فيه نظر؛ فإن الامتناع من الوطء، والبقاء عليه معلَّق بمشيئتها؛ فحالة الاستدامة فيه كحالة الابتداء.

وتمسك القاضي الحسين في تعليل كونه مولياً بظاهر القرآن، وبأنها لو رضيت بعد المدة بترك الطلب لا يسقط بذلك حقها، ولا يتغير هذا المعنى؛ فكذلك في الابتداء.

قال: وإن أخرت لم يصر مولياً؛ لأن هذا الخطاب يستدعي جواباً منها وهو المشيئة؛ فصار كلفظ العقود. وقيل: إنه يصير مولياً، ولا تعتبر الفورية؛ كما لو علق الوطء على الدخول.

وبنى الرافعي هذا الخلاف على الخلاف في اعتبار مشيئتها على الفور، فيما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>