وهو بالتاء ثالثة الحروف، والقرص وهو الدلك بأطراف الأصابع- فالأولى تقتضي حمله على الاستحباب؛ للجمع بينهما، وبعض أصحابنا يحملها على أن الماء كان عندهم قليلاً فأمرها بذلك؛ لتخف النجاسة.
ثم القول باستحباب الحت والقرص منسوب في "الرافعي" إلى معظم الأصحاب، وقال: إنَّ نقل بعضهم يشعر باشتراطه، وهو ظاهر كلام الغزالي.
قلت: وهذا من الرافعي يوهم خلافاً في أنه إذا تأتي [إزالة ذلك] بالحت والقرص، هل يجب أم لا؟ وكلام أبي الطيب وابن الصباغ يوهمه، أيضاً.
وكلام الماوردي يفهم أن محل استحبابه إذا كان أثر النجاسة يزول بدونه، فإن داود يقول: إنه لا يجزئ، ويجب الحت والقرص، [ولعل هذا] هو الأصح، وعليه ينطبق كلام المتولي، بل قال: إذا لم يقدر على إزالة رائحة الخمر إلا [بنوع] معالجة، وجب.
وأعم منه قول القاضي الحسين في باب ما يفسد الماء: إن النجاسة العينية يجب إزالة عينها، فإن لم يذهب الأثر، فعليه أن يغسله بالأشنان وغيره، ويستقصي فيه، فإن لم يذهب فالظاهر أن يكون معفوّاً عنه؛ لقول عائشة:"كنا نغسل الثياب من دم الحيض، ويبقى فيه بقعة أو بقع، فنمسحها بالحناء، ونصلي فيها".
وقد استحب الأصحاب لأجل ذلك لطخ الأثر بالحناء ونحوه.
واقتصر بعض الأصحاب على العفو عن أثر الدم، وقال: لون غيره يدل على بقاء عينه؛ فلا يعفى [عنه].
وفي "الجيلي" حكاية قول عن "اللباب": أنه لا يعفى عن اللون مطلقاً، وهو في "الحاوي" و"التتمة" وجه نسبه الإمام إلى صاحب "التلخيص"، والصحيح العفو عن اللون الذي تعسر إزالته مطلقاً.