للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أفهم كلام الشيخ- كما قررناه- اختصاص العفو بأثر اللون، وسكت عن ذكر المحل الذي يعفى عنه إذا بقي فيه، والمراوزة قالوا: الطعم لا يعفى عنه بلا خلاف؛ لأنه يدل على بقاء العين [قطعاً] ولا يعسر زواله.

وصور الرافعي ذلك بما إذا دَمِيَتْ لثته أو تنجس فاه بنجاسة أخرى، فغسله، ودام طعم النجاسة فيه.

وأما الرائحة فإن سهل إزالتها فلا يعفى عنها، وإن عسر- كما في بول المُبَرْسَم، والخمر العتيقة- ففي العفو عنها بعد المبالغة قولان: ينظر في أحدهما إلى أن الغالب من الروائح الزوال، والحكم للغالب، وفي الآخر إلى عسر الاستخراج. وهذا ما قال القاضي الحسين: إنه المنصوص، وهو أصح في "النهاية" موجهاً بأن رائحة الخمر الزكية قد تبقى في البيت أياماً بعد نقل ظرفها.

واللون إذا سهل إزالته فلا عفو، وإن عسر كلطخات الدمامل فهو عفوٌ.

وقال القاضي الحسين: يجب أن يرتب على الرائحة، فإن قلنا: بقاء الريح لا عفو عنه، فعند بقاء اللون أولى.

وإن قلنا بالعفو عن الريح، فالعفو عن اللون يحتمل وجهين:

أحدهما: أنه كالريح.

والثاني: لا يعفي عنه. والفرق: أو اللون أقوى؛ لأنه في الحقيقة جزء لطيف من العين؛ فلا يتصور انفكاك اللون عن العين، والريح قد يُنفك عنها بدليل ما ذكرناه في نقل الخمر.

واقتضى كلامهم: أنه لا فرق فيما ذكرناه بين أن يصيب الثوب ويبقى ما ذكرناه فيه، أو يصيب غيره، والقاضي الحسين [صرح] به فيما إذا أصاب الثوب، وقال: إنه لو صبغ الثوب بصبغ نجس، فغسله بالماء وأنعم الغسل، وبقي اللون، قالوا: يحكم بطهارته؛ لأن الماء يقدر على إزالة النجاسة ورفعها، ولا يقدر على قطع الألوان ورفعها من المحالِّ، فإذا أورد الماء عليه، علمنا أن ما [يمر] عليه من النجاسة قد

<<  <  ج: ص:  >  >>