قال: فإذا انقضت المدة، أي: والزوج حاضر، وطالبت المرأة بالفيئة، أي: ولا مانع منه- وقف، وطولب بالفيئة وهو الجماع؛ للآية، وسمي الوطء: فيئة، من: فاء، إذا رجع؛ لأنه امتنع ثم رجع. ولا فرق في ذلك بين أن تكون اليمين بالله تعالى، أو بالطلاق أو العَتَاق، أو غير ذلك- كما قررناه- على الأصح.
وستأتي حكاية قول فيما إذا كانت اليمين بالطلاق الثلاث: إنه لا يجامع؛ فعلى هذا: يطالب [بعد المدة] بالطلاق على التعيين، ولا يثبت حق المطالبة لسيد الأمة، ولا لولي الصغيرة والمجنونة؛ إذ لا مدخل لذلك تحت الولاية، ولا يسقط حق المرأة بالتأخير، ولو رضيت ثم عادت وطلبت، كان لها ذلك، كما إذا رضيت بإعساره بالنفقة؛ لأن الضرر يتجدد، بخلاف الرضا بالعنة؛ فإن الضرر ثَمَّ في حكم الخصلة الواحدة؛ فأشبه الرضا بالعيب.
قال: وإن كان فيها عذر يمنع الوطء لم يطالب، أي: لا بالفعل ولا بالقول؛ لأن المطالبة تكون بالمستَحَق، وهي لا تستحق الوطء في هذه الأحوال، هذا هو المشهور، وقد حكيت عن الغزالي تفريعاً على [صحة] الإيلاء من الرتقاء: أن لها المطالبة بالفيئة باللسان، وقال في "البسيط": إذ لا معنى لصحته إلا ذلك. وعن ابن الصباغ خلافه، قال الرافعي: ومن مال إليه كأنه يقتصر في الصحة على التأثيم.
قال: وإن كان العذر به، أي: وهو غير مغلوب على عقله، فاء فيئة معذور، وهو أن يقول: لو قدرت لَفِئْتُ؛ لأن حكم الإيلاء ينبني على الإضرار باللسان، وذلك يدفع الضرر، [وقال أبو ثور: لا يلزمه فيئة المعذور؛ لأن الضرر] يترك بالوطء، وهو لا يزول بالفيئة باللسان. وجوابه ما ذكرناه.
ثم لا فرق في ذلك بين أن يكون المانع طَبَعيّاً أو شرعيّاً لا يقدر على زواله، على ما حكاه المحاملي في "المجموع".
وقال غيره: إنما يكتفي به إذا كان المانع طَبَعيّاً: كالمرض الذي يمتنع بسببه الجماع، أو يزيد بالوطء والحبس بغير حق، أما إذا كان شرعيّاً:[كصومه في]