إحداهما- وهي الحسنى، على ما قاله الإمام والرافعي- أن ذلك ينبني على أنه إذا طلب منها الوطء والحالة هذه، هل لها الامتناع؟ وفيه وجهان، أصحهما- على ما حكاه في "الشامل"-: نعم، ويحرم.
فإن قلنا: لا يحرم عليها التمكين، لم يُقنع منه إلا بالوطء أو الطلاق، وإن قلنا: إنه يحرم عليها التمكين، فهل يؤمر بالفيئة بالقول أو الطلاق، أو لا يؤمر إلا بالطلاق؟ فيه وجهان، المذكور منهما في "الشامل": الثاني، وعلى الوجهين: إذا وطئ فقد أوفاها حقها وإن كان حراماً عليه.
والطريقة الثانية: أنه يقال له: قد ورّطت نفسك بالإيلاء في ورطة؛ إن فِئْتَ إليها عصيت وأفسدت نسكك وصمك، وإن طلقت فاتت عليك زوجك، وإن لم تطلق طلقنا عليك.
وشبه ذلك بما إذا غصب لؤلؤة ودجاجة، فابتلعت الدجاجة اللؤلؤة، فإنه يقال له: إن لم تذبح الدجاجة غرمناك اللؤلؤة، وإن ذبحتها غرمناك الدجاجة.
وهذه طريقة المراوزة، وهي المذكورة في "التتمة" و"تعليق" القاضي الحسين وغيرهما.
ثم محل الخلاف في الصوم [ما] إذا لم يستمهِل وأبدى الضرار، أما إذا استمهل إلى الليل فإجابته متعيِّنة؛ لما سيأتي، وكذا لو كان يتحلل عن غحرامه في ثلاثة أيام، [ورأينا] أن نمهله ثلاثة أيام- على ما سيأتي- فالوجه إسعافه، ولا طريق غيره، صرح بذلك الإمام في المسألة الثانية ومنها يؤخذ الحكم في الأولى.
تنبيه: ما ذكره الشيخ- رضي الله عنه- في حدِّ فيئة المعذور لم أره لغيره، إلا فيما [إذا] كان العذر لا يرجى زواله: كالجَبِّ، على ما حكاه الإمام، وقال بعد ذكره: وهذا عندي في حكم العبث الذي لا يليق بمحاسن الشرع مثله، وضرب المدة أقبح من ذلك؛ فإنه مَهل أُثْبِتَ لمن يرجى منه الوطء، فكيف يتخيل هذا في المجبوب؟!