وهذا هو الأصح عند الغزالي، وفي "الذخائر" حكاية وجه: أنه لا يمهل شيئاً أصلاً، ولا خلاف أنه لا يمهل في الفيئة باللسان؛ لقدرته عليها في الحال.
تنبيه: فائدة الإمهال: أن القاضي لو طلق عليه قبل مضي مدته لم ينفذ إن جامع في مدة المهلة، وإن مضت بلا فيئة ففيه وجه: أنه ينفذ، والظاهر: المنع، ويخالف ما إذا أمهل المرتد ثم قتله القاضي أو غيره؛ فإنه يكون قتله هَدَراً؛ لأنه لا عصمة له، والقتل الواقع لا مدفع له، وأما الطلاق فهو قابل للرد. قال الإمام: وفي التصوير عسر؛ فإن طلاق القاضي قد يستند إلى رأيه في أنه لا إمهال، وإذا كان كذلك فالطلاق ينفذ إتباعاً لرأيه، والله أعلم.
قال: فإن جامع- وأدناه: أن يغيب الحشفة في الفرج- فقد أوفاها حقها؛ لأن سائر أحكام الوطء تتعلق بهذا القدر من الجماع، ولا فرق في ذلك بين أن تكون المرأة ثيباً أو بكراً، ومن شرط البكر: إذهاب العُذْرَة كما نص عليه الشافعي؛ وذاك لأن الالتقاء لا يمكن في الغالب إلا به، وقد صرح بما أشرت إليه المحاملي وابن الصباغ وغيرهما.
[ولا بين أن يكون الوطء في حالة تباح له، أو في حالة تحرم عليه مع قيام الزوجية].
ولا بين أن يكون مختاراً أو مكرهاً- إن تُصُوِّرَ- وأوجبنا الكفارة به، وإن لم نوجبها ففي انحلال اليمين وجهان جاريان في كل يمين وُجِدَ فيها الفعل المحلوف عليه عن إكراه أو نسيان، أَوْفَقُهُما لكلام الأئمة: المنع، وهو ما قطع به الشيخ أو حامد والقاضي أبو الطيب، وعلى هذا ففي بقاء حكم الإيلاء وجهان، الأصح منهما عند الغزالي: البقاء، وبمقابله أجاب صاحب "التهذيب" وغيره.
ولا بين أن يكون الزوج عاقلاً أو مجنوناً على النمصوص، وإن كان لا يحصل بوطئه حنث ولا كفارة، قال ابن الصباغ والبندنيجي: قولاً واحداً؛ لأن وطء المجنون كوطء العاقل في التحليل، وتقرير المهر، وتحريم الرَّبِيبة، وسائر الأحكام؛ فكذلك فيما نحن فيه، ويفارق الحنث ووجوب الكفارة؛ لأن ذلك من حقوق الله- تعالى- فافتقر إلى قصد ولم يوجد.