وحكى الشيخ أبو حامد وجهاً آخر: أنه لا يخرج بذلك عن الإيلاء كما لا يحصل به الحنث، فإن قلنا به فهل تضرب له مدة ثانية إن كانت يمينه مطلقة، أو مقيدة بمدة بقي منها بعد وطئه أكثر من أربعة أشهر، أو يطالب بعد إفاقته في الحال؟ فيه وجهان، أقيسهما- على ما ذكره الإمام-: الأول. وإن قلنا بالأول، قال المحاملي والبندنيجي: يكون حالفاً لا مُولِياً، فمتى أصابها حنث ولزمته الكفارة، ولا تتوجه عليه المطالبة، ولا تضرب له مدة.
وفي "النهاية": أن النص انحلال اليمين بالوطء الأول ولا كفارة، قال الرافعي: وحكاية نفي الكفارة عن النص ظاهر، وأما حكاية الانحلال فقد سكت عنه الجمهور، وليس في "المختصر" تعرض لذلك، وفي "التتمة" و"التهذيب" حكاية قولين في وجوب الكفارة كما في الناسي، فإن قلنا بعدم الوجوب ففي الانحلال وجهان، وفرق ابن الصباغ بين الناسي والمجنون: بأن المجنون ليس ممن له قصد بحال، والناسي من أهل القصد، وحكى هو والمتولي وجهاً في ضرب المدة ثانياً، ووجَّها عدم الضرب بأن هذه اليمين قد فاء إليها فيها، ووفّاها حقها، فلا تضرب [له] فيها مدة أخرى.
ولو نزلت المرأة عليه وهو نائم، فاستدخلت ذكره لم تنحل يمينه؛ لأن الذي جرى ليس بوطء منه، والمحلوف عليه الوطء. وفي "النهاية" حكاية وجهه: أنه كالوطء في حال الجنون، حتى يجري فيه الخلاف المتقدم في انحلال اليمين، وعدّه غلطاً، وهل تحصل بذلك الفيئة وانحلال الإيلاء؟ فيه وجهان:
أحدهما- وهو ما جزم به الغزالي في كتبه-: أنها لا تحصل. وهذا يوافق إيراد الشيخ؛ فإنه "قال: فإن جامعها، وأدناه: أن يغيب الحشفة في الفرج"، فنسب الفعل إليه، وفي هذه الصورة لم يوجد منه فعل.
والثاني-: وهو الأظهر في "الرافعي"، والمجزوم به في "التهذيب" و"التتمة" وغيرهما-: الحصول وارتفاع الإيلاء؛ لوصولها إلى حقها وزوال الضرر، وقد فهم من كلام الشيخ أن إيفاء الحق لا يحصل بالجماع فيما دون الفرج، ولا بالإتيان في غير