للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العمر، فأول الوطء قابله جزء من المهر، فإذا لم نوجب المهر في آخره لم يؤدِّ ذلك إلى إخلاء الوطء عن المهر، ولو أوجبناه لأدى إلى إيجاب مهرين بإيلاج واحد، بخلاف الكفارة؛ فإن أول الفعل لم يتعلق به جزء من الكفارة، فإذا لم نوجب الكفارة في آخره أدى إلى إخلاء الفعل عن الكفارة، ولو أوجبناها لم يكن في ذلك إيجاب كفارتين بإيلاج واحد، وهذا مع الأول ما يوجد في طريق العراق، وذكر البندنيجي أن الأصحاب لم يختلفوا في إيجاب الكفارة في الصوم، والثالث مذكور في طريق المراوزة، حكاه الإمام والقاضي وغيرهما. ثم ما الأظهر من الخلاف؟ ادعى الرافعي ها هنا أن الظاهر عدم وجوب المهر، وقال في أول كتاب الطلاق: إنه الأصح. وذكر أن صاحب "العدة" ادعى أن ظاهر المذهب الوجوب، وهو موافق لإيراد الشيخ.

وأما سقوط الحد؛ فلأن أول الفعل كان مباحاً وانتهض شبهةً لسقوط الحد، قال ابن الصباغ: ولم يصر أحد من أصحابنا إلى وجوب الحد مع العلم بالتحريم، وفي "الرافعي" حكاية وجه فيه عن رواية ابن القطان وغيره، [و] أن القاضي الروياني اختاره؛ تنزيلاً للاستدامة منزلة الابتداء، وزَيَّفَهُ الإمام، وفي تعليق القاضي الحسين: أنا إن أوجبنا المهر لم يجب الحد، وإلا فوجهان، والأظهر منهما: عدم الوجوب.

قال: فإن أخرج ثم عاد، أي: وهو عالم بالتحريم، وهي جاهلة أو عالمة، ولم تقدر على دفعه- لزمه المهر؛ لأن الاعتبار في وجوب المهر بجانبها وهي غير زانية.

قال: وقيل: يلزمه الحد؛ لأنه وطء مستأنف في أجنبية خال عن الشبهة، فأشبه كما لو ابتدأه بعد الطلاق، وهذا ما اختاره القفال والقاضيان: أبو الطيب والروياني، وجزم به في "التهذيب".

قال: وقيل: لا يلزمه؛ لأن الوطء اسم لجميع الإيلاجات، وإنما وقع الطلاق بابتدائه من جهة الاستدلال ووقوع الاسم، وإذا كان كذلك اسماً للكل وأوله كان مباحاً لم يجب الحد به، كما لو استدام، كذا وجهه المحاملي، ويحكى هذا الوجه عن أبي الطيب بن سلمة، وهو الذي رجحه الشيخ أبو حامد ومن تابعه.

وفي "النهاية": القطع بوجوب الحد، وحكاية وجهين في وجوب المهر مرتبين

<<  <  ج: ص:  >  >>