في طلوع الفجر جاز له الإقدام على الأكل وغيره؛ لأن الأصل بقاء الليل، بخلاف ما إذا شك في الغروب؛ فإنه لا يجوز له الإقدام على الفطر؛ لأن الأصل بقاء النهار، فكيف بك عند الظن؟!
ثم على تقدير تسليم الحكم في مسألة الصوم كما حكيناه، فيمكن ابن خيران أن يفرق بينه وبين مسألتنا بما قاله ابن الصباغ، وهو: أن النزع ليس بوطء وإن كان استمتاعاً، وإنما يقع الفطر بالوطء خاصة، وفي مسألتنا الاستمتاع وإن لم يكن وطئاً فمحرم أيضاً؛ لأنها تصير أجنبية.
تنبيه: إنما قلنا: إن مراد الشيخ بالطلاق الثاني: الطلاق الثلاث؛ لأنه ذكر من بعد في التفريع: أنه إذا فعله بعد ما نزع يجب عليه الحد على رأي، ولو كان الطلاق رجعيّاً لم يثبت هذا الخلاف، مع أن غيره صرح بأن محل الخلاف ما إذا كانت اليمين بالطلاق الثلاث.
فإن قيل: هل يظهر للتخصيص بالطلاق الثلاث من فائدة؟
قلت: قد تكون فائدته أن هذا الحكم لا يثبت فيما إذا كان رجعيّاً، مع أن وطء الرجعية والاستمتاع بها محرم كوطء البائن؛ من حيث إن المحذور المذكور فيما إذا كانت اليمين بالطلاق الثلاث لا يتصور الانفكاك عنه، [وها هنا يتصور الانفكاك عنه] بأن يراجع كما غيب الحشفة؛ فينتفي المحذور، مع أني لم أقف على ذلك، وقد تكون فائدته- على تقدير أن يكون الخلاف جارياً في الطلاق الرجعي-: أن جميع ما ذكره بعد ذلك من التفاريع لا يثبت في الطلاق الرجعي، ويثبت في الطلاق الثلاث؛ فخصص بالذكر؛ ليستوفي التفريع المذكور، والله أعلم.
قال: فإن جامع لزمه النزع، أي: عند تغييب الحشفة؛ لوقوع الطلاق حينئذ، فإن استدام لزمه المهر دون الحد، أي: وإن كان عالماً بالتحريم:
أما لزوم المهر؛ فلأن الاستدامة كالابتداء في كفارة الصوم فكذلك في المهر، وقيل: لا يلزمه، وطرد أيضاً في كفارة الصوم؛ لأن أول الفعل لم يتعلق به هذا الغرم فكذلك آخره؛ إذ الوطء الواحد لا يتبعض حكمه، ومن أصحابنا من قال: لا يجب المهر وتجب الكفارة، وفرق بأن المهر في النكاح يقابله جميع الوطئات إلى آخر