قال: وما غسل به النجاسة- أي: وهو قليل وارد عليها كما تقدم- فهو طاهر، أي: سواء طهر المحل أو لم يطهر؛ لعموم قوله عليه السلام:"خَلَقَ اللهُ المَاءَ طَهُوراً لَا يُنَجِّسُهُ إِلا مَا غَيَّرَ .. " الخبر.
ولأنه لا يمكن حفظه من النجاسة؛ فلم ينجس إلا بالتغير، كالماء الكثير.
و [لأنه] لا ينجس بملاقاة النجاسة قبل الانفصال وفاقاً؛ فوجب أن يكون بعد الانفصال كذلك؛ إذ ليس له بعد الانفصال حال لم يكن عليها قبل الانفصال؛ وهذا ما حكاه في "المهذب" وجهاً عن أبي العباس، و [عن] أبي إسحاق، وكذا أبو الطيب قبله، والماوردي نسبه إلى الداركي وطائفة، وقال في "الوسيط": إنه القديم، وقال القاضي الحسين: القديم أنه طهور، وعليه جرى الرافعي.
وهذا الوجه يعبر عنه بأن حكم الغسالة إذا لم تتغير [كحكمها] قبل الغسل.
وقيل: هو نجس- أي: في الحالين- لأنه ماء قليل لاقته نجاسة فنجسته، كما في غير حالة الإزالة، وهذا وجه في "المهذب" منسوب إلى الأنماطي، وفي "الشامل" وغيره نسبته إليه فيما إذا انفصل وقد طهر المحل، وأنه وجهه بأنا حكمنا بانتقال النجاسة إليه قطعاً.
والقاضي الحسين قال: إنه نقله قولاً.
والإمام قال: إنه خرجه قولاً. أي: في الجديد، كما قال الرافعي.
وهذا الوجه يعبر عنه بأن حكم الغسالة حكم المحل قبل غسله بها، كالماء المستعمل في الحدث، ومنه خرج.
وقيل: إن انفصل وقد طهر المحل فهو طاهر؛ لأنه- عليه السلام- أمر بصب ذنوب على بول الأعرابي في المسجد، ولو لم تكن الغسالة طاهرة، لما أمر بذلك؛ لأن فيه تكثيراً للنجاسة في المسجد.