للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه كاللون.

والثاني: [أنه] يطهر؛ لأن الرائحة تتعدى محلها، فعُفِي عنها، كما يعفَى عن تغير الماء بجيفة بقربه، ولا كذلك اللون؛ فإنه لا يتعدى محله؛ فلا يعفى عنه.

والماوردي قال في الأرض ما قاله العراقيون، وقال: إنه لا يعفى عن الريح في الثوب قولاً واحداً؛ لأن حكم النجاسة في الأرض أخف؛ لكونها معدناً للنجاسة.

وأما في الإناء إذا بقيت فيه الرائحة، ففي العفو طريقان:

منهم من قال: هو كالأرض.

ومنهم من قال: يطهر قولاً واحداً؛ لأن بقاء الرائحة [فيه]؛ لطول المكث وكثرة المجاورة.

فإن قُلْتَ: قد رجع حاصل ما نقلته أنه لا يعفى عن اللون في الأرض والثوب والإناء قولاً واحداً، وفي العفو عن الريح ما سلف، وما ذكره الشيخ من المثال كما قررتموه يقتضي العفو عن اللون مطلقاً، وهو مخالف للمنقول.

قُلْتُ: يمكن أن يحمل المنقول على ما إذا بقي لون النجاسة، وهو ظاهر اللفظ، وكلام الشيخ في بقاء أثر اللون لا اللون نفسه؛ فلا منافاة بينهما، والله أعلم.

تنبيه: عدول الشيخ عن قوله: إذا غسل وبقي أثره طهر، إلى قوله: "لم يضر"- يفهم أن المحل لا يطهر، وإنما هو معفو عنه، وهو ما أبداه الرافعي احتمالاً [لنفسه]، وشبهه بالأثر بعد الاستنجاء ودم البراغيث، وأيده بأنه ليس في الأخبار تصريح بالطهارة، وإنما تقتضي العفو والمسامحة.

وقد تعرض في "التتمة" لمثل هذا في الرائحة، فقال: إن قلنا: لا يطهر، فهو معفو عنه، كدم البراغيث، لكن الذي أطلقه الأكثرون القول بالطهارة.

وقال القاضي الحسين: لأنه لو كان نجساً معفوّاً عنه، لكان إذا أصابه بلل تنجس، كمحل الاستنجاء، وها هنا لا يصير نجساً بإصابة البلل؛ لقول عائشة: "فنلطخه بالزعفران ونصلي فيه"، وعلى هذا يكون تقدير كلام الشيخ: لم يضر في منع الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>