هكذا دلَّ عليه كلام الرافعي، وفي كلام الإمام ما يدل على أن العراقيين لم يشترطوا تصديق الواطئ بالشبهة، ونقل القاضي أبو الطيب عن أبي إسحاق وأبي علي الطبري- على ما حكاه ابن الصباغ- أنه يلاعن لنفيه ابتداء من غيره عرض على قائف.
وحكى- أيضاً- أن من الأصحاب من جعل في المسألة قولين، وحكاهما الرافعي وجهين، وأظهرهما: أنه يلاعن، وفي "النهاية" تضعيف غيره ها هنا.
وحكى مجلي في كتاب "الدعاوى والبنيات": إذا ولد مولود على فراش نكاح، فادّعاه مدّعٍ، وزعم أنه وطئها بشبهة- لم يقبل، ولم يعرض على القائف؛ لأن هذا يجرُّ فساداً، وسواء اعترف الزوج والزوجة بوطء الشبهة أو لم يعترفا؛ لأن الحق للولد، فإن أقام بينة على وطء الشبهة، قال أبو حامد الغزالي: عرض على القافة. وقد بيّنا أن المذهب خلافه.
قلت: وما قاله من أن المذهب خلافه سيأتي الكلام عليه، وما حكاه [عن] الغزالي هو ما أبداه الإمام في ترديد كلامه في باب القافة؛ فإنه قال: إن قلنا: الرجوع إلى قول صاحب الدَّعْوى، فهذا يحرم نسب الفراش، وإن لم نقل ذلك أحوجنا الواطئ إلى إثبات الوطء بالشبهة؛ فإن اعتراف الزوج لا يؤثر فيما نراه، ولا أثر [لاعترافها بالمدعي، والمرعيُّ حقُّ الولد، وهذا أمر مشتبه، وعندي أن الذي أجراه الأصحاب] من غير تعرض لما ذكرناه في وطء ثبت بطريقه، وشهدت به عليه البينة. انتهى.
وإذا تأملت ذلك فقد يظهر أنه مناقض للمحكي ها هنا، وسنعيد في أواخر باب ماي لحق به النسب طرفاً من الكلام المتعلق بهذه المسألة.
واعلم أن كلام الشيخ- رضي الله عنه- يتضمن صورتين.
إحداهما: أن ينسبها إلى وطء الشبهة.
والثانية: أن ينسبها إلى الزنى، والواطئ إلى الشبهة.