وقد تقدم الكلام في الصورة الأولى، وفي الثانية هو قاذف لها، وله أن يلاعن لدرء الحدّ، والحكم في اللعان لنفي الولد كما ذكرناه.
قال: وإن قال: هو من فلان وقد زنى بك وأنت مكرهة، ففيه قولان:
أصحهما: أنه يلاعن لنفيه؛ لتعذّر نفي الولد بغير اللعان.
والثاني:[لا] يلاعن؛ لأن آية اللعان وردت في الرمي بالزنى، وهناك يحتاج إلى الانتقام من المرأة وإشهار حالها، وقد انتفى ذلك.
وفي المسألة طريقان آخران:
أحدهما: ذهب أبو إسحاق وأبو علي بن أبي هريرة [والطبري] إلى القطع بالقول الأول.
والثاني: القطع بالقول الثاني، ونسبه القاضي ابن كج إلى ابن سريج، وهو ما اختاره البغوي.
ثم هذا الخلاف يجري فيما لو قال: وطئك وأنت نائمة أو جاهلة.
وأما اللعان لغير نفي الولد فينبني على أن التعزير هل يجب لها عليه؟ وفيه خلاف مذكور في الكتاب في باب حدِّ القذف، والمنصوص- على ما حكاه المتولي ها هنا-: أنه يجب، وفي "الشامل" و"التهذيب": أن القول بالوجوب أصح الوجهين؛ لأن فيه عاراً يلحقها كما إذا قذف مجنونة. فإن قلنا يجب عليه التعزير، فله أن يسقطه باللعان على ما حكاه المتولي والبغوي- ويتجه أن يجري فيه الوجه المذكور في نظائره.
وفي "الشامل": أنه ليس له إسقاطه باللعان، وهو قضية كلام ابن يونس؛ لاعتقاده أنه تعزير تأديب.
وإن قلنا: لا يجب التعزير، فهل له أن يلاعن لدرء حدّ فلان؟ فيه خلاف حكاه المتولي، والذي جزم به البغوي: أن له أن يالعن، ووجهه المتولي بأنه إذا قذف زوجته بأجنبي، ثم لاعنها ولم يسمّ الزاني في اللعان، وقلنا: لا يسقط حق الأجنبي- كان له أن يلاعن لإسقاط حد الأجنبي، وهذا ابتداء لعان، لإسقاط حد المرمي به