قال: ووجب عليها حد الزنا، أي: إذا كان القذف بزنى أضافه إلى حال الزوجية وكانت مسلمةً؛ لقوله تعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ}[النور: ٨] إلى آخرها، وهذا يدل على وجوبه عليها بلعانه، ولأن اللعان بمنزلة البيّنة في إسقاط الحدّ عنه؛ فكان كالبينة في وجوب الحدّ عليها، ويخالف الزاني حيث لم يوجب عليه الحدّ بلعان الزوج؛ لأنه لو وجب لما تمكَّن من إسقاطه باللعان، وفي ذلك ضرر، بخلاف [الزوجة]. أما إذا قذفها بزنى أضافه إلى ما قبل الزوجية، ولاعن لأجل نفي النسب- فقد ذكرنا في وجوب الحدّ عليها وفي معارضتها لعانه بلعانها وجهين.
وأما إذا كانت ذمية، فقد نص الشافعي على أنها لا تجبر على اللعان، ولا تحد إذا امتنعت حتى ترضى بحكمنا، فإذا رضيت حكمنا في حقها بما نحكم به في حق المسلمة. وللأصحاب طريقان:
أحدهما: تخريج المسألة على القولين في أنهم إذا ترافعوا إلى حاكمنا هل يجب عليه الحكم بينهم؟ فيه خلاف يأتي: إن قلنا: يجب، فإذا لم تلاعن أقام عليها الحد رضيت أو لم ترضَ، وإن قلنا: لا يجب، فإنما نحدّها إذا رضيت بحكمنا، والنص محمول على هذا القول.
والطريق الثاني- حكاه الإمام مع الأول-: القطع بأنها لا تجبر، ولا يجري عليها الحكم إلّا إذا رضيت؛ لأنه إذا لاعن الزوج انقطعت خصومته معها، وكان الباقي بعده حَد الزنى، وهو محض حق الله- تعالى- ونحن لا نجبر أهل الذمة على حقوق الله- تعالى- لأنها مَبْنِيّة على المسامحة.
[وقد حكى القاضي الحسين في "تعليقه" الطريقين في إقامة الحدّ على الكافر إذا أقرَّ بالزنى أو قامت عليه البيّنة: منهم من قال: في إقامة الحدّ عليه قهراً قولان. ومنهم من قال: لا يقام عليه قولاً واحداً، إلَّا أن يرضى بحكمنا؛ لأنه من حقوق الله تعالى، وهي مبنيّة على المسامحة].
وعن القفال؛ بناءً على انقطاع خصومة الزوج باللعان: أنه إذا لاعن الزوج المسلم عن الزوجة المسلمة لم يتوقف عرض اللعان عليها على طلبه؛ بل يقوم به الحاكم