للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصحاب من رَدَّ أحكام اللعان إلى ثلاثة، وأدخل البينونة في لفظ التحريم المؤبد، وقال: انتفاء النسب يختص بما إذا كان ثَمَّ ولدٌ ونَفَاهُ، وليس ذلك حكماً لمطلق اللعان. وهذا ليس باختلاف في الحقيقة، والأولى المذكور أولاً؛ فإن التحريم المؤبد المتفق عليه يحصل عند وجود البينونة باللعان، أما إذا كانت البينونة حاصلة [قبل اللعان كان في التحريم المؤبد] وجهان حكاهما المتولي. ثم كان من حق هذا القائل أن يقول في وجوب الحدّ عليها مثل ما قاله في النسب؛ فإن ذلك يختص بما إذا كان ثَمَّ قذفٌ، [أما إذا لم يكن ثم قذف]: بأن نسبها إلى وطء شبهة أو استكراه على الزنى- حيث يجوز اللعان- فإن لعانه لا يثبت عليها حَدّاً، فليس ذلك حكماً لمطلق اللعان.

فرع: لو كانت الملاعنة أمة، فملكها الزوج فقد ذكرنا في حل وطئها له طريقين:

أحدهما: طرد الخلاف المذكور في المطلقة ثلاثاً إذا ملكها قبل أن تنكح.

والثاني: القطع بعدم الحل.

وذكرنا الفرق.

تنبيه: قد ظهر لك أن اللعان يترتب عليه من الأحكام ما لا يترتب على إقامة البيّنة على زناها؛ فإنه لا يثبت من هذه الأحكام سوى حَدّ الزنى عليها، وأن إقامة البينة يترتب عليها وجوب الحدّ على الزاني [ولا يجب عليه] باللعان؛ فلذلك يُمَكَّن من الإثبات كل واحد منهما.

قال: فإن كان قد سمَّى الزاني في القذف وذكره في اللعان، أي: مثل أن قال: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنى بفلان- ويرفع في نسبه- أربع مرات، وكذلك في الخامسة.

قال: سقط عنه ما وجب عليه من حَدّه؛ لقوله- تعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...} [النور: ٦] إلى آخرها، فجعل للزوج الخروج باللعان، ولم يفصل بين أن يرمي رمياً مطلقاً أو مضافاً إلى رجلٍ بعينه، قاله المحاملي، وهو على اعتقاد من ذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>