والمحاملي والبندنيجي: بلا خلاف؛ لأن المنصوص عليه الغضب، وهو أعظم من اللعن؛ لأن اللعن: الإبعادُ، والغضب يتضمنه وزيادة؛ ولذلك خُصَّ بجانب المرأة؛ لأن جريمة الزنى منها أقبح، من جناية القذف منه؛ ولذلك تفاوت الحدَّانِ. وحكى المسعودي وجهاً: أنه يجوز، وكذلك الغزالي أيضاً.
قال: وإن أبدل الزوج لفظ اللعنة بالغضب، فقد قيل: يجوز؛ لأنه أغلظ، وقيل: لا يجوز- وهو الأصح في "التهذيب"- لأنه عدل عن المنصوص عليه.
قال: وإن قدّم لفظ الغضب أو اللعنة على الشهادة، [لم يجز]، أي: سواء كان [على] جملة كلماتها أو على بعضها؛ لقوله تعالى:{وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ}[النور: ٧]، {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا}[النور: ٩] فشرط اللعن والغضب في الخامسة؛ فإذا أتى بهما قبل ذلك لم يعتد به.
قال: وقيل: يجوز؛ لأن المقصود من اللعان التغليظ، وقد حصل.
قال: والأول أصح. وادّعى البندنيجي أنه المذهب؛ لأن اللعن والغضب لكونه من الكاذبين فيما شهد به، وذلك يتأخر عن الشهادة.
قال القاضي الحسين في "التعليق": وأصل هذه المسائل كلها أن المراعي في اللعان اللفظ، ونظم التنزيل، أو المراعى فيه المعنى؟ فعلى وجهين: إن راعينا نظم التنزيل فلا يجوز أن يأتي بغيره، وإلَّا فيجوز.
قال: وإذا لاعنت المرأة قبل الرجل لم يعتد به؛ لأن لعانها لدرء الحدّ عنها، وذلك يجب بلعان الزوج؛ فلم يصح لعانها قبله، ولأ، اللعنا إما يمين وإما شهادة، وكلٌّ منهما إذا تقدّم على وقته، لم يعتد به. وهذا كله في كيفية لعان الناطق، أما الأخرس فيلاعن بالإشارة، فإن لاعن بالكتابة فيكتب كلمة "الشهادة" وكلمة "اللعن" أو "الغضب"، ويشير إلى كلمة "الشهادة" أربع مرات، وإلى الكلمة الأخرى مرة، ولا يكلّف أن يكتب [كلمة]"الشهادة" أربع مرات، وهذا الطريق الأخير فيه جمع بين الكتابة والإشارة، وهو جائز، لكن قضية التصحيح بالكتابة المجردة أن يكرر كتابة