كلمة "الشهادة" أربع مرات، هكذا حكاه الرافعي، وحكى [عن] الإمام بعد نقل المذهب في صحة لعان الأخرس أنه قال: ويختلج إشكال في الصدر في تأدية كلمات اللعان، لاسيما إذا عينا لفظ "الشهادة"؛ لأن الإشارات لا ترشد إلى تفصيل الصيغ. قال: والذي ينقدح في وجه القياس: أن كل مقصود لا يختص بصيغة فلا يمنع إقامة الإشارة مقام العبارة، وما يختص بصيغة مخصوصة فيغمض إعراب الإشارة عنها، ولو كان في الأصحاب من يشترط في الأخرس الكتابة إن كان يحسنها، أو يشترط من ناطق أن ينطق بها ويشير إلى الأخرس ويقول: يشهد كذا، ويقرره الأخرس بالإجابة- لَقَرُبَ بَعْضَ القُرْبِ، فأما الإشارة المجردة فلا يهتدي إلى دلالتها على صيغة [مخصوصة]. وما تمنى أن يكون في الأصحاب من يقول به، حكاه في "البسيط" عن بعض الأصحاب، وهو كالمنفرد بالقول وينقله عن غيره.
قال: والمستحب أن يتلاعنا من قيام، أيك يقوم الرجل عند لعانه والمرأة جالسة، ثم تقوم المرأة عند لعانها ويجلس الرجل، والدليل على اعتبار ذلك: ما روى ابن عباس- رضي الله عنهما- في قِصّة هلال بن أمية أنه قام فشهد، ثم قامت فشهدت. ولأن المقصود من اللعان الردعُ والزجر عن اليمين الفاجرة؛ فإذا لاعن قائماً كان أبلغ في الردع والزجر، ولا يجب ذلك؛ لأن اللعان إما يمين أو شهادة، وليس القيام واجباً في واحد منهما.
وفي "التتمة": أنه إذا لاعن وهو قاعد، لا يعتد به إلَّا أن يكون عاجزاً، واستدل عليه بقوله- عليه السلام- لهلال:"قُمْ وَاشْهَدْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ". وفي "تعليق" القاضي الحسين ما يرشد إليه أيضاً؛ فإنه قال: يؤمر أن يلاعن قائماً، فإن عجز فقاعداً كما في الصلاة.
قال: فإذا بلغ الرجل إلى [لفظ] اللعنة أو المرأة الغضب، استحب [للحاكم أن يقول]: إنها- أي: اللفظة الخامسة- موجبة للعذاب، أي: في الدنيا، وعذاب