للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن سريج، والأول إلى أبي إسحاق كما حكاه القاضي أبو الطيب، ووافقهما على ذلك القاضي الروياني. ونسب الشيخ أبو حامد- على ما حكاه الرافعي- الأول إلى ابن سريج، والثاني إلى أبي إسحاق، وكذلك البغوي، وخص محل الخلاف بما إذا قذفها بالزنية التي قذفها بها الزوج، أما إذا كان بغيرها فيجب، ولم يحك سواه، وكذلك الرافعي وقال: إن وجه الوجوب أصح، وإن نسبة الشيخ أبي حامد أثبت.

قال: وإن قذفها الزوج- أي: بعد تلاعنهما بزنىً آخر- عُزِّر، ولم يلاعن على المذهب، أي: عزر على المذهب ولم يلاعن؛ لما سنذكره، وقد جاء مثل ذلك في قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: ٥] وتقديره: أحوى غثاء.

وفي "الجيلي" و"الخلاصة" و"مختصر" الجويني ما يدل على أن الخلاف في التعزير [أو] اللعان؛ إذ قالا: فهل يلاعن أو يحد؟ فيه خلاف.

والمشهور ما ذكرناه، ووجه المذهب: أن اللعان في حقه كالبينة في حقها وحق الأجنبي، ولو أقام البينة ثم قذفها لم يحد؛ لأن حصانتها سقطت؛ فكذلك في اللعان مثله. ويجب عليه التعزير للأذى والسب.

ووجه مقابله- وهو جوب الحدّ-: أن اللعنا وإن كان حجة للزوج فإنما تسقط به حصانتها في الحالة التي يوجد فيها اللعان وما بعدها، فأما قبل ذلك فحصانتها باقية، فإذا رماها بزنىً في تلك الحالة، لزمه الحدُّ، ويفارق البينة؛ لأنها تسقط الحصانة سقوطاً عامّاً، واللعان يسقطها سقوطاً خاصّاً، كذا قاله المحاملي، ومقتضاه: أنه إذا أضاف الزنى إلى ما بعد اللعان لا يحد، وأن محل الخلاف ما إذا أضافه إلى ما قبل اللعان، وقد صرّح به في أصل المسألة، وكذلك البندنيجي، وزاد: وأن يكون في حالة الزوجية.

وفي "التتمة": أن الخلاف مطرد في القذف بزنىً متأخر عن اللعان، وفي الزنى المتقدم على النكاح.

قال الرافعي: ووجوب الحدّ في الزنى المتقدم على اللعان أظهر؛ لمصادفته حال

<<  <  ج: ص:  >  >>