للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحصانة. وهذه طريقة القاضي أبي الطيب، وعليها جرى [القاضي الروياني والبغوي، وجزم ابن الصباغ بوجوب الحد، وهو الذي رجحه] أبو علي والمتولي مع القول بإثبات الخلاف، وقال الرافعي: كأنه أقرب. وعن القفال وأبي علي والصيدلاني من أصحابه: أن وجب الحَدّ هو القديم.

أما إذا لاعن الزوج دونها ففي "المهذب" و"الشامل" و"التهذيب": أنه لا يجب الحد، ولم يذكروا سواه، ويجب التعزير للسب والأذى. وحكى الغزالي وغيره خلافاً فيه، والظاهر وجوب التعزير دون الحَدّ.

[ثم] هذا كله فيما إذا قذفها بغير ما رماها به أولاً، أما إذا كان القذف بالأول فلا يجب إلَّا التعزير، وأما كونه لا يلاعن، سواء قلنا بوجوب الحدّ أو التعزير؛ لأن القذف لم يكن به حاجة إليه؛ لأنه لا نسب فينفيه ولا زوجيَّة فيقطعها؛ فلم يكن له تحقيق ذلك باللعان، كما لو قذفها بعد البينونة ولا نسب.

قال: وإن أكذب الزوج نفسه، أي: في أيمانه- حُدَّ إن كانت محصنة، وعُزّر [إن كانت غير محصنة، ولحقه النسب؛ لأنه حق عليه فلزمه] بتكذيبه نفسه، بخلاف عودالفراش وزوال التحريم، فإنه حق له وقد بطل؛ فلا يتمكن من إعادته بتكذيبه نفسه، وهكذا الحكم في الأخرس إذا لاعن بالإشارة، ثم انطلق لسانه وقال: لم أرد اللعان بإشارتي، فيقبل قوله فيما عليه من لحوق النسب ووجوب الحدّ، ولا يقبل قوله فيما له حتى ترتفع الفرقة والتحريم المؤبد، ولكن له أن يلاعن في الحال؛ لإسقاط الحد ولنفي النسب- أيضاً- إذا لم يمض من الزمان ما يسقط فيه حق النفي. ولو قال: لم أرد القذف أصلاً، لم يقبل قوله.

فرع: الناطق إذا أكذب [نفسه] هل يسقط عن المرأة حدّ الزنى؟ لم أَرَ فيما وقفت عليه من كتب الأصحاب تصريحاً به، غير أن الإمام ذكر في تعليل القول بأنها لا ترجم في الحرّ والبرد إذا ثبت ذلك باللعان- أن الملاعن قد يكون كاذباً، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>