قال: وإن أتت امرأته بولدين بينهما دون ستة أشهر، فأقرّ بأحدهما أو أخر نفيه، أي: ونفى الآخر- لحقه الولدان: لأن الله- تعالى- لم يُجْر العادة بأن يجتمع في الرحم ولد من ماء رجل وولد من ماء رجلٍ آخر.
قال الإمام: لأن الرحم إذا اشتمل على المنى انسدَّ فم الرحم، واشتغل بتقدير الإله بتدبيره؛ فلا يتأتى منه قبول مَنِيّ آخر.
وصورة ثبوت ولدين: أن تكثر مادة الزرع، فيخلق منها ولدان أو أكثر، وإذا كان كذلك فلا يتبعض التوءمان لحوقاً وانتفاء، وإذا تعذّر التبعيض فيُرَجح الأقوى وهو اللحوق، والدليل على قوته شيئان:
أحدهما: أن الولد يلحق من غير استلحاق عند إمكان كونه منه، ولا ينتفي عند إمكان كونه من غيره إلَّا بالنفي.
والثاني: أن اللحوق بعد النفي مؤثر، والنفي بعد الاستلحاق لا يؤثر.
واعلم أن كلام الشيخ يتضمن صوراً:
إحداها: أن تأتي زوجته بولدٍ، فيقرَّ بِهِ أو يسكت عنه، ثم تأتي بآخر فينفيه ويريد اللعان لنفيه.
[الثانية: أن تأتي بولد، فينفيه باللعان، ثم تأتي بالآخر، فيقر به أو يسكت عنه].
الثالثة: أن ينفيهما معاً باللعان، ثم يقرّ بأحدهما.
فالحكم الذي ذكره شامل لها؛ لما ذكرناه. وهل يلزمه الحدُّ في الصورة الثانية إن كان قد قذفها؟ نظر: إن ألحقناه به لإقراره لزمه؛ كما لو أكذب نفسه، وإن ألحقناه به لسكوته لم يلزمه؛ لأن اللحوق حُكْمٌ للشرع ولم يأت هو بما يناقض قوله الأول. ويخالف هذا ما لو كان اللعان بعد البينونة-[والصورة كما ذكرنا- فإنه يلزمه الحد على كل حال، سواء لحقه بإقراره أو بسكوته؛ لأن اللعان بعد البينونة] لا يكون إلَّا لنفي النسب، فإذا لحق النسب لم يبق للعان حكم؛ فحُدَّ، واللعان في صلب النكاح يتعلق به مقاصد: من درء الحدّ، ووقوع الفرقة، ونفي النسب، فإذا ارتفع