نفي النسب نفي سائر المقاصد التي يفردها باللعان، كذا قال الحكم البغوي والقاضي الحسين مع التوجيه. قال الرافعي: وقد حكي هذا عن القفال، واستحسنه القاضي الروياني، وقال: لم أره لغيره، وقد يقال: اللعان وإن كان بعد البينونة يؤثر تأبيد التحريم على أظهر الوجهين، والتأبيد لا يرتفع بلحوق النسب؛ فجاز أن يبقى أثر اللعان في سقوط الحدّ أيضاً.
قلت: والتعليل الذي ذكرناه عن القاضي يأباه؛ لأن تأبيد الحرمة لا يفرد باللعان، بخلاف غيره من المقاصد المذكورة.
ولو كان بين الولدين ستة أشهر فصاعدا، لم يلحقه أحدهما بإقراره بالآخر، لكن ينظر: إن نفي الأول [باللعان] كان له نفي الثاني- أيضاً- باللعان، ولا ينتفي بدونه؛ لأنها وإن بانت باللعان الأول كان احتمال وطئه لها بعد وضع الأول ممكناً؛ فيجوز أن تكون قد عَلِقَتْ قبل اللعان وتكون حائلاً حال حصول البينونة؛ ففي "المهذب": أن الثاني ينتفي من غير لعان؛ لأنها علقت به بعد زوال الفراش.
قال الرافعي: وليس هذا وجهاً آخر؛ بل الأشبه أنه سهو، والتوجيه الذي ذكره ممنوع.
فرع: لو نفى الحمل حيث يجوز نفيه باللعان، فأتت بولدٍ بعد ذلك- انتفى عنه، لكنه إن كان لدون ستة أشهر كان نفيه باللعان الأول، وإن كان بعد ستة أشهر أو فوقها فمن غير لعان؛ لتحقق حدوث الولد الثاني بعد البينونة وزوال الفراش. وعن القفال: أنه إذا لم يلاعن لنفي الثاني- يلحقه الثاني، كما ذكرنا فيما إذا لاعن عن الولد