ومن شرب شراباً لا يرى جنسه مسكراً فكان مسكراً؛ وزال عقله بسببه- يلتحق بما ذكرناه؛ وهذا ما احترز عنه بقوله: "عاقل". واقتصاره على ما ذكر يفهم أن من زال عقله بما سوى ذلك، تجب عليه، وهو يشمل [صورتين]- على رأيه-.
إحداهما: من زال عقله بالنوم، ويقوي هذا المفهوم قوله من بعد: "إلا نائم"، ويشهد له قوله- عليه السلام-: "من نسي صلاة، أو نام عنها؛ فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" رواه مسلم.
لكن في "الذخائر": أنمن زال عقله بالنوم فطبق [الوقت] فهو غير مخاطب بتلك الصلاة.
وصار بعض الفقهاء إلى تكليف النائم في بعض الأحكام. ثم قال: فإن قيل: فلم أوجبتم القضاء عليه؟ [قلنا]: للأمر الجديد، وقال: إن الحكم في الساهي والجاهل؛ كالحكم في النائم. وكلام الشيخ الآتي ينازع فيه.
الثانية: من شرب ما جنسه مسكراً فزال عقله بسببه، وإليه أشار في "المهذب"، [وبه] صرح في "التتمة"، ووجهه: أن فعل ذلك معصية، وترك الوجوب [عن المجنون] بمعنى: عدم إيجاب القضاء رخصة، والرخصة لا تنال بالمعاصي.
فإن قيل: لو ألقى نفسه من شاهق جبل عمداً؛ فانكسرت رجله؛ فصلى قاعداً- فلا قضاء عليه على [المذهب] وإن كان ما أتى به معصية.
قيل: من رمى نفسه من شاهق؛ انتهت معصيته بسقوطه؛ فهو غير عاص في دوام القعود، ولا كذلك من ذكرناه.