قال الإمام في باب صلاة المسافر: وهذا يمكن أن يقال في السكر أيضاً؛ لأن نفس السكر ليس بمعصية، فإنه ليس فعلاً مقدوراً للمكلف، ولكن لما كان مرتباً على الشرب لم يتضمن تخفيفاً في باب العبادات، وهكذا ما نحن فيه. ويمكن أن نفرق بأن السكر محبوب في الجبلات، فلا يمنع أن يلحق بالمعاصي؛ حتى ينزجر الناس عن التسبب إليه، ولولا السكر لما اعتمد الشرب؛ فإن الخمر مرة شنعة.
المسألة الثالثة: الحائض والنفساء لا تجب عليهما كما هو مذكور في باب الحيض، وعنهما احترز بقوله:"طاهر".
وقد أفهم كلام الشيخ: أنه لا فرق في عدم وجوبها على المجنون والحائض والنفساء، بين أن يكون حصل ذلك من غير تسبب فيه أو بتسبب، ولا خلاف في ذلك إذا حصل من غير تسبب، وأما إذا حصل بتسبب: فقد قال بعض الشارحين فيما إذا حصل الجنون بتسببه: إن الصلاة تجب عليه، بمعنى: وجوب القضاء بعد الإفاقة، وهو المذكور في "التتمة" و"تعليق البندنيجي".
وعبارة القاضي الحسين في باب صلاة المسافر: أنه إذا شرب الْبنْجَ وغيره مما يزيل عقله، فعليه قضاء الصلاة والصيام بعد الإفاقة كالسكران؛ لأنه جلب إزالة العقل بنفسه؛ فيؤخذ به.
قال: ويمكن أن يفرق بين شرب الخمر والأدوية المزيلة للعقل بأن: الشارب يقصد به الدوام دون الابتداء؛ لأن ابتداءه يكره بالطبع، ودوامه يورث الطرب والنشاط، فاللذة في دوامه دون ابتدائه؛ فلزمه القضاء، بخلاف الأدوية المزيلة للعقل؛ فإن الإنسان لا يقصد بشربها الدوام ولا الابتداء؛ فإنها لا تفضي إلى ما فيه لذة. وهذا ما ادعى الإمام أنه المذهب؛ حيث قال: إذا تسبب الشخص في إزالة عقل نفسه؛ فجن، ثم أفاق- فالمذهب: أنه لا يلزمه قضاء [تلك] الصلوات الفائتة في زمن جنونه؛ لأن الجنون مناف لتبعات التكليف بخلاف السكر.
قال: وذهب بعض أصحابنا إلى: أنه مأمور بقضاء الصلوات، قال: وهذه مرتبة على