أقرَّ بالوطء، وأتت بولدٍ لأكثر من أربع سنين من وقت الوطء: هل يلحقه؟ فيه وجهان، وهما يقربان من الخلاف فيما إذا أتت بولد بعد الولد الذي ألحقناه بالسيّد لستة أشهر فصاعداً، هل يلحقه الثاني؟
ولو ادعى الاستبراء ونفى حملها، ثم [أتت بولد] لما دون ستة أشهر من وقت الاستبراء- فالاستبراء لَغْوٌ، فلو أراد نفيه باللعان فقد مَرَّ أن الصحيح: أن نسب الملك لا ينتفي باللعان. وادّعى أبو سعيد المتولي أن الصحيح في هذه الصورة: أن له نفيه باللعان؛ لأن من وطئ زوجته في طهرٍ، ورماها بالزنى في ذلك الطهر، وأتت بولدٍ- كان له نفيه باللعان؛ فيبعد أن يلزمه ولد الأمة في هذه الحالة، ولا يلزمه نسب المنكوحة.
وإن ولدت لستة أشهر إلى أربع سنين، فسنذكر حكه في ضِمْنِ فصلٍ بعده.
قال: وإن قال: كنت أطأ وأعزل، لحقه؛ لما روى مسلم عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين سئل عن العزل:"لَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا، مَا كُتِبَ خَلْقُ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ".
ولأن أحكام الوطء كلها تتعلق بالإيلاج لا بالإنزال؛ فكذلك هذا الحكم، ولأنه قد يسبق من الماء شيء لا يحس به فيحصل منه العلوق، وفيه وجه عن رواية الشيخ أبي محمد: أن النسب لا يلحقه.
قال الإمام: وهذا لم أَرَهُ إلا له، وعلى الأول: له أن ينفيه بدعوى الاستبراء أو الحلف.
قال: وإن قال: كنت أطأ فيما دون الفرج، فقد قيل: يلحقه؛ لإمكان أن يسبق الماء إلى الفرج وهو لا يعلم به، وقيل: لا يلحقه؛ لأن لحوق النسب من أحكام الوطء فلا يتعلق بغير الإيلاج كالتحليل والتحصين، وهذا هو الأصح، ويجري الخلاف فيما لو ادّعى الوطء في الدبر.
قال: وإن وطئ أمته ثم أعتقها واستبرأت، ثم أتت بولدٍ لستة أشهر من حين