العتق- لم يلحقه؛ للحمك ببراءة الرحم بعد الاستبراء، وقيل: يلحقه؛ لأنه تَبيَّن أنه لم يكن استبرأ، كذا قاله الجيلي، وقال: إنه الأصح، وإن الوجهين ينبنيان على أن الحامل تحيض أم لا، والأصح: أنها تحيض؛ فلا يمنع الولد الحيض. والمشهور في "الرافعي" وغيره: أن الذي نصَّ عليه الشافعي، وهو ظاهر المذهب فيما إذا استبرأها قبل العتق، ثم أتت بولدٍ يمكن أن يكون منه: أنه لا يلحقه، وأنَّ نصه في الحرة إذا بانت بالطلاق، ثم أقرَّت بانقضاء العدة بالأقراء، ثم أتت بولدٍ يمكن أن يكون منه: أنه يلحقه. وقد اختلف الأصحاب في المسألتين على قولين بالنقل والتخريج في الطرفين، وفرقوا بأن الوطء سبب ظاهر [والاستبراء ظاهر] يعارضه، وغذا تعارضا سقط الظهور وبقي مجرد الإمكان، والإمكان لا يكتفي به في الأمة، وهو في الحرة يكتفي به، وإذا ثبت ما ذكرناه قبل العتق، فكذلك الحكم بعد العتق؛ إذ لا فارق بينهما.
قال: وإن اشترك اثنان في وطء امرأة، فأتت بولدٍ لو انفرد كل واحد منهما لحقه- عُرِض على القائف: فإن ألحقه بأحدهما لحقه.
القائف: هو متَّبع الآثار والأشباه، والجمع: قافَةٌ. والأصل في اعتبار القافة: ما روى مسلم عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسروراً، فقال:"يَا عَائِشَةُ، أَلَمْ تَرَيْ مُجَزِّزاً الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْداً وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا؛ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ؟! ".
قال الشافعي: ولو لم يكن في القيافة إلَّا هذا أقنع.
ووجه الدلالة من الخبر: أنها لو لم تكن علماً، ولو لم يكن بها اعتبار وعليها اعتماد، لمنعه- عليه السلام- من المجازفة وقال: لا تفعل هذا؛ فإنك إن تُصِبْ في شيء أخطأت في غيره، وكان خطؤك قذفَ محصنة ونَفْيَ نسب، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقرُّ