قال الأئمة: وسبب سروره: أن المشركين كانوا يطعنون في نسب أسامة؛ لأنه كان طويلاً أقنى الأنف أسود، وكان زيد قصيراً أخنس الأنف بين السواد والبياض، كذا قاله الرافعي.
وقال أبو داود- على ما حكاه عبد الحق في "الأحكام"-: إن زيداً كان شديد البياض. وروي أن عمر- رضي الله عنه- دعا قائفاً في رجلين ادعيا مولوداً. وشك أنس بن مالك في ابنٍ له؛ فدعا له القائف.
وإذا ثبت اعتبار قول القائف، وجب الرجوع إليه فيما ذكرناه؛ لأنه لا يمكن إلحاق الولد بهما كما صار إليه أبو حنيفة؛ لأن الوطء لابد وأن يكون على التعاقب، وإذا اجتمع ماء الأول مع ماء المرأة وانعقد الولد منه، حصلت عليه غشاوة تمنع من اختلاط ماء الثاني بماء الأول ومائها. وأيضاً: فلو تداعيا الولدَ: مسلمٌ وكافر، أو حرٌّ وعبد، أو والد وابنه- لا يلحق الولد بهما بالاتفاق؛ فكذلك إذا تداعاه غيرهما. ثم الاشتراك في الوطء على الوجه المذكور يفرض من وجوه:
أحدها: أن يطأها كل واحد منهما [بالشبهة؛ بأن يجدها على فراشه فيظنها زوجته أو أمته.
والثاني: أن يطأها كلٌّ منهما] في نكاحٍ فاسدٍ.
[والثالث: أن يطأ زوجته، ثم يطلقها، فيطأها غيره بالشبهة أو في نكاح فاسد]، أما لو لم يطلقها الزوج، ووطئت بالشبهة في النكاح، فعن القاضي أبي الطيب- وهو الذي أورده ابن الصباغ-: أن الولد يلحق بالزوج؛ لأن الفراش له، والفراش أقوى من الشبهة؛ كما أنه لو طلقها زوجها، وانقضت عدتها، ونكحها زوج آخر، فأتت بولدٍ- يُلحقُ بالثاني، وإن أمكن أن يكون من الأول.
قال الرافعي: والأظهر ما ذكره القاضي الروياني وغيره- وهو الذي أورده الإمام-: أنه لا يتعين الزوج للإلحاق، بل الموضع موضع الاشتباه والعرض على القائف، وليس كالصورة المستشهد بها؛ لأن العدة ظاهرة في حصول البراءة عن