قال: وإن حلف على فعل مكروه، أي: كالالتفات في الصلاة ونظائره، أو ترك مستحب: كترك التطوعات، ونظائر ذلك- فالأولى: أن يحنث؛ لقوله- عليه السلام- لعبد الرحمن بن سمرة:"إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا- فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثم ائت بالذي هو خير".
فإن قيل: فقد روي في خبر الأعرابي أنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلوات، فقال له:"خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ"، ولم ينكر عليه حلفه؛ فلو كان مكروهاً لأنكر عليه.
والجواب: حمل ما جرى من الأعرابي على لغو اليمين، أو على أن مراده: لا يزيد في عدد الفرائض، ولا ينقص منها، وذلك لا يقتضي الإنكار.
فرع: المدعى عليه إذا أنكر ما ادعى عليه به؛ أو كان المدعى كاذباً- فله أن يحلفه، وله ألا يحلف، وهو الأفضل؛ قاله ابن الصباغ وغيره، واستدل له بأن عثمنا امتنع من الحلف حين رد عليه المقداد اليمين بين يدي عمر- رضي الله عنهم- وعلل عدم الحلف بخشية أن يوافق قدر بلاء؛ فيقال: بيمين عثمان.
قال مجلي: وحديث عمر يدفع هذا؛ لأنه لو كان الأفضل تركه لما حث على فعله.
تنبيه: حيث قلنا: الأولى ألا يحنث، تكون اليمين طاعة، والخروج عنها مكروهاً، وحيث قلنا: الأولى أن يحنث تكون اليمين مكروهة، والمقام عليها مكروهاً، ولا يستثنى من ذلك إلا الحلف على المباح.