أنه لا يحنث؛ لأن الذي وجد عبور لا سكنى. ولو تردد فيها ساعة بلا غرض حنث.
قال الرافعي: ولك أن تقول: قوله: لا أسكن، إن كان المراد: لا أمكث، فهذا ظاهر، وإن كان المراد: لا أتخذها مسكناً، فإذا دخلها مجتازاً، أو دخل فيها ساعة- فينبغي ألا يحنث؛ لأنها لا تصير مسكناً بذلك.
واعلم أن تقييد الشيخ الخروج بنية التحول، وكذلك ابن الصباغ- يشعر بأنه إذا خرج لا بنية التحول، وترك أهله وقماشه نه يحنث، ومما يؤيده أن مجلياً وابن الصباغ رداً على من ألزمنا أنه لا يقال: سكن، إلا أن يكون معه أهله وماله؛ ولهذا إذا نزل بأهله وماله في بلدٍ يقال: سكنه، ولا يقال له ذلك دونهم؛ فإنه إنما يقال له ذلك؛ لأن الظاهر من حاله أنه إذا ترك أهله وماله في بلد آخر، لا يقصد السكنى، والأمر في مسألتنا محمول على قصد التحول.
لكني لم أر لأحد تصريحاً بذلك، والذي ذكره غيرهما مجرد الخروج من غير تقييد بما ذكراه.
قال: وإن حلف لا يساكن فلاناً، فسكن كل واحد منهما في بيت من دار كبيرة، أو خان، أي: صغيراً كان أو كبيراً، وانفرد كل واحد منهما بباب وغلق- لم يحنث، أي: سواء كان البيتان متلاصقين أو مفترقين؛ لأنه لا يعد مساكناً له، وجزم المراوزة بأنه في الدار يحنث، وفي الخان وجهان.
أما إذا كانت الدار صغيرة، حنث، وإن كان لكل واحد منهما باب وغلق؛ لمقاربتهما، وكونهما في الأصل مسكناً واحداً.
وحكى الرافعي أن منهم من أطلق وجهين في [سكنى] الدار من غير نظر إلى الصغر والكبر، ورأى الأصح: حصول المساكنة. وإذا قيل به، فلو كان أحدهما في الدار والآخر في حجر مفردة المرافق وبابها في الدار- فالذي حكاه الماوردي: أنه يحنث، وطرد ذلك فيما لو كان لها باب خارج الدار، وبابها إلى الدار مفتوحاً، دون ما إذا كان مسدوداً.