للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإن حلف: لا يدخل هذه الدار، وهو فيها، فلم يخرج- ففيه قولان:

أصحهما: [أنه لا] يحنث؛ لأن الدخول هو الانفصال من خارج إلى داخل، وهو لا يوجد في الاستدامة؛ [ولهذا لا يقال]: دخلت [الدار] شهراً، وإنما يقال: دخلها منذ شهر، وهذا ما حكاه في "التهذيب".

والثاني: يحنث؛ لأن الاستدامة بمنزلة الابتداء في التحريم بالنسبة إلى ملك الغير؛ الا ترى أنه لو دخل داراً مغصوبة لا يعلمها، ثم علم، فاستدام، أثم؟! كذلك استدامة الدخول تنزل منزلة ابتدائه.

وعلى هذا: لو خرج عقيب اليمين لم يحنث، ولو خرج، ثم رجع لنقل القماش، حنث؛ لأنه دخل، بخلاف ما ذكرناه في السكنى؛ لأن السَّكن لا يحصل بمجرد الدخول.

ويجري مثل هذا الخلاف فيما لو حلف: لا يخرج من هذه الدار، وهو خارج عنها.

واعلم أن من الأصحاب من لم يثبت للشافعي في هذه المسألة قولاً سوى الأول، وحكى الخلاف وجهين، وأول ما حكي عن الشافعي من الحنث على حكاية مذهب الغير.

فرع: لو نوى بالدخول الاجتياز، وأقام- حنث على الأصح.

قال الإمام: ومن أصحابنا من قال: لا يحنث؛ لأن اللفظ إذا لم يصادف المقصود تجردت النية، والنية المجردة لا تلزم شيئاً.

قال: وإن حلف: لا يلبس ثوباً، وهو لابسه، فاستدام، أو: لا يركب دابَّة، وهو راكبها، فاستدام- حنث؛ أي: إذا تمكن من نزع الثوب والنزول عن الدابة؛ لأن استدامته الركوب واللبس يسمى به: راكباً ولابساً؛ ولهذا يقال: لبست الثوب شهراً، وركبت الدابة يوماً.

ويلتحق بهذا القسم ما إذا حلف: لا يقعد، وهو قاعد، فلم يقم، أو: لا يقوم، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>