للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو حلف: لا يساكنه في بيت واحد، وكانا فيه، فتحولا، أو أحدهما في أول حال الإمكان- لم يحنث.

وقال أبو الفياض البصري: اليمين تنعقد على فعل الحالف وحده؛ فإن خرج المحلوف عليه لا يبر الحالف، حكاه عنه مجلي، وحكاه عنه الماوردي فيما إذا قال: لا سكنت، وأجراه فيما لو قال: لا سكن معي؛ فإنه إذا خرج الحالف لا يبر، وأنه فرق بينه وبين المساكنة، ثم قال: وهذا وإن كان له وجه فهو ضعيف.

ولو لم يتحولا، ولكن شرع في بناية حائل بينهما من طين أو غيره، وكان لكل من الجانبين مدخل، أو اتحد المدخل- فلا يحنث على وجهٍ؛ لاشتغاله برفع المساكنة، وهذا ما رجحه في "التهذيب". والأصح عند الجمهور، وبه جزم الماوردي: الحنث؛ لحصول المساكنة- إلى أن يتم البنيان- من غير ضرورة.

نعم، لو خرج أحدهما، فبنى الحائط، ثم عاد وسكن- لم يحنث الحالف، هكذا أطلقوه، ولم يجعلوا ذلك كالبيتين من الدار، وكان الفرق أن البيتين من الدار وإن افرد كل واحد منهما بباب وغَلَقٍ، فساحة الدار مشتركة بينهما في الاستطراق، وها هنا لا مشاركة في شيء أصلاً، وبهذا يظهر أن البيتين من الدار لو لم يشتركا في الاستطراق كان الحكم كذلك.

ولو حلف: لا يساكن زيداً وعمراً، بر بخروج واحد منهما.

ولو قال لا ساكنت زيداً ولا عمراً، لم يبر بخروج واحد منهما، قاله الماوردي.

ولو حلف: لا يساكن فلاناً شهر رمضان، فالحنث يتعلق بالمساكنة معه في جميع الشهر، ولا يحنث بالمساكنة ساعة، وهذا ما أجاب به إمام العراقيين أبو بكر الشاشي، حكاه الرافعي في فروع الطلاق.

فائدة: إذا قال: والله، لا آويت عند فلان، أو: في داري، فمتى مكث في الموضع المحلوف عليه زماناً، حنث؛ فإن الإيواء هو السكون في المكان، حكاه البندنيجي، ثم قال: وأما البيتوتة فليس لأصحابنا فيها نص، والذي يجيء على المذهب: أنها عبارة عن السكون في المكان أكثر من نصف الليل، وهو قول العراقيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>