قال: فإن عقد اليمين، ثم عَنَّ له الاستثناء، أي: عرض له بعد استكمال اليمين؛ فأتى به – لم يصح الاستثناء؛ لأن عقد اليمين بعد تمامه يثبت حكمه؛ فلا يرفع بعد ثبوته؛ كما لو عَنَّ له ذلك بعد طول الزمان.
وفي "الحاوي" وغيره حكاية وجه: أنه يصح، وقضية كلام ابن الصباغ ترجيحه؛ فإنه قال: حكى عن أبي الحسين بن القطان أنه قال: لا يصح الاستثناء حتى يقصده مع ابتداء اليمين. وأكثر أصحابنا قالوا: لا يحتاج على ذلك. ووجهه بأن لفظ الاستثناء أقوى، نيته، ثم يكون عقيب اليمين، كذلك نيته.
قال: وإن عن له الاستثناء في أثناء اليمين، فقد قيل: يصح؛ لأنه تحققت النية متصلة باللفظ قبل الاستثناء؛ فأشبه ما لو كانت النية من ابتداء اليمين، وهذا ما يقتضي كلام ابن الصباغ: أنه ظاهر المذهب، وأنه الصحيح، وإليه ذهب الداركي، والقاضيان أبو الطيب والروياني.
قال: وقيل: لا يصح؛ لأن الموجب جميع اللفظ؛ فاشترط اقتران النية بجميعه. ونقل ابن الصباغ عن ابن القطان توجيهه بأنه قاسه على نية الجمع بين الصلاتين، وفرق بأن النية تجعل الصلاتين كالصلاة الواحدة، والاستثناء يخالف اليمين، وهذا ما صححه القاضي ابن كج وابن المرزبان.
قال: وإن قال: لا سلمت على فلان، فسلم على قوم هو فيهم، واستثناه بقلبه – لم يحنث؛ لأنه سلم بلفظ عام يحتمل أن يريد به [الكل، ويحتمل أن يردي به] البعض؛ فإذا نوى أحد محتمليه وقع بحسبه.
وفي "الشامل" عند الكلام فيما إذا حلف: لا يدخل على فلان بيتاً، حكاية قولين في الحنث، وكذلك حكاهما البندنيجي، وهما في طريق الخراسانيين أيضاً.
قال: وإن لم ينو شيئاً، أي: لم ينو السلام على فلان، ولا استثناه من السلام – ففيه قولان: