أحدهما – وهو رواية المزني، والأصح في "الجيلي" -: لا يحنث؛ لأن اللف يصح للجميع وللبعض؛ فلا يحنث بالشك، وقد يوَجَّه بأنه لم يسلم عليه خاصة، وهو المفهوم من مطلق لفظه، وهذه مادة ما حكيناه عن الإصطخري في مسألة السمن، وقضية ذلك: ألا يحنث وإن قصد السلام عليه، وقد أبداه صاحب "البيان" احتمالاً.
والثاني: أنه يحنث، وهو رواية الربيع، والأظهر عند الشيخ أبي حامد والرافعي؛ نظراً إلى عموم اللفظ.
ومحل الخلاف إذا علم أنه فيهم، أما لو لم يعلم، أو سلم عليه في ظلمة، وقلنا: إنه يحنث – عند العلم – ففي حنثه القولان في الجاهل.
فرع: لو كان الحالف إماماً في الصلاة، والمحلوف عليه من جملة المأمومين، وسلم عليهم – قال ابن الصباغ: الذي يقتضيه المذهب: أن الحكم ما لو سلم على جماعة وهو فيهم، وصرح به الرافعي نقلاً.
قال: وإن قال: لا دخلت على فلان، فدخل على قوم هو فيهم، واستثناه بقلبه – فقد قيل: يحنث؛ لوجود صورة الدخول، وهذا هو الأصح.
قال: وقيل: لا يحنث؛ كالمسألة قبلها، وهذا ما ذكره البغوي، وعلى هذه الطريقة: يجيء في الحنث القول الآخر، وقد صرح به البندنيجي وابن الصباغ. والفرق على الطريقة الأولى بين هذه المسألة والتي قبلها: أن الاستثناء لا يصح في الأفعال؛ ألا ترى أنه لو دخل على جماعة فيهم زيد، فقال: دخلت عليكم إلا زيداً – لم يكن صحيحاً، والاستثناء في السلام صحيح؛ ألا ترى أنه لو سلم على قوم، فقال: سلمت عليكم إلا زيداً، صح، وهذا إذا كان الداخل عالماً بأنه في الموضع، أما لو دخل الموضع الذي فيه فلان ولم يعلم، ففيه قولا الجاهلِ دخل لحاجة، ولم يعلم بأنه فيه، فهذه الصورة أولى بعدم الحنث؛ [لانضمام قصد الشغل إلى الجهل، ونقل الإمام أن الشافعي نص في هذه الصورة على عدم الحنث].
ولو كان الحالف في بيت، فدخل عليه فلان: فإن خرج الحالف في الحال لم